الاعلام تايم - مارلين كوركيس
تعتبر الحرب في سورية من أسوأ الكوارث الانسانية والاقتصادية وكانت لها تداعيات كبيرة على بقية العالم، فقد مزقت سبع سنوات من الحرب في البلاد النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع، وهناك أضرار كبيرة لحقت بالاقتصاد ككل والبنية التحتية ورأس المال المادي وكل جوانب الحياة.
ولإخراج البلاد من كل ما سبق ودخولها في مرحلة جديدة هي مرحلة إعادة الإعمار لابد من العمل على كافة الجوانب، لتكون المرحلة القادمة على مستوى عالي من التخطيط والتنفيذ وللعودة بسورية الى حالة أفضل مما كانت عليه سابقاً.
وانطلاقاً من هذا ألقى الدكتور هاني خوري أستاذ العلوم المالية والمصرفية في كلية الاقتصاد - جامعة دمشق ، محاضرة بعنوان " المعايير الوطنية لإعادة الإعمار " أشار خلالها إلى أن مرحلة بداية الإعمار بدأت في البنى التحتية للمناطق التي استعادها الجيش العربي السوري من الجغرافية التي سيطر عليها الإرهاب ودمرها وشرد أهلها في سنوات الحرب على سورية ( الدولة والشعب ) ولاسيما في إعادة إصلاح شبكات الكهرباء والماء وأنابيب النفط والغاز وترميم المدارس والمستشفيات . .
وتساءل الدكتور خوري عن الكيفية والمعايير الوطنية التي يجب أن يكون عليها المستقبل السوري المتجاوز للثغرات والهنات التي ساهمت في جزء منها بإضعاف مناعة الجسد السوري أمام المؤامرة الكونية التي أحدقت به بمبادرة صهيو أمريكية متحالفة مع قوى الاستعمار القديم الجديد ( الأوربية ) وعملائها الأتراك والخليجيين وأدواتهم الوهابية من إرهاب متعدد الجنسية ، والمتعدد الأدوات والوسائل الإجرامية .. ليس أقلها الفبركات الإعلامية التي وجهتها عشرات الفضائيات انتهاء بالقتل والسبي والتدمير وتشريد الأهالي وتهجيرهم ترهيباً وترغيباً .
ورأى الدكتور خوري أن "الإعمار يجب أن يعيد بناء المجتمع بمختلف شرائحه ووفقاً لمعايير وبرامج وطنية متكاملة بين الوزارات والمؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والقانونية والتشريعية" إلخ
وأكد أن الإعمار الوطني السليم بطوّر ويعمق العلاقات الوطنية ويعزز فاعليتها ، ويمنع الاستفزاز والتنافر بين مكونات المجتمع وذلك عبر إعمار الوعي الإنساني بكامل القدرات الوطنية .. لافتاً إلى أهمية التخطيط المدني المتجاوز لكل المشكلات والتشوهات العمرانية في عشوائيات المدن وتكلفتها الاقتصادية وبالتالي المجتمعية على الإنسان والدولة في آن معاً .. وهذا يتطلب إنماءً للريف وإيجاد فرص عمل لساكنيه بتنمية الزراعة والصناعات التحويلية المرافقة لتنوّعات ذاك الإنتاج ، مما يخلق استقراراً وتطوراً في الأرياف ويخفف أعباءً عن المدن.
أضاف: "التنمية الريفية والمدنية المرادة يجب أن تكون نتاج خطط مبرمجة ومنظمة بعيداً عن العشوائية في التنمية والبناء ، خاضعةً لرؤىً وأفكار منطلقةً من قيم ثقافية وأخلاقية وطنية تحقق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص بين المواطنين ، يكون معيارها المواطنة تحت سقف القانون ، مما يؤدي للحفاظ على الوحدة الوطنية ، ويحفز الطاقات ويستثمر تنوعها وإمكاناتها ويحرص عليها ويوظفها في تطوير الإنتاج وجودته .. مما يقلل من نسب الهدر ، ويفوّت فرص الفساد والمفسدين،ولاسيما إتاحة الفرص أمام الخبرات والكوادر المختصة والكفؤة .
وختم خوري أن تلك المعايير المشار إليها تخلق بنيةً اجتماعية ومهنية تنافسية، تؤدي لاستثمار أفضل في العقل البشري الذي يكفل تطوير الإنتاج وجودته ويكون قادراً على الاستفادة النسبية من تنوع الاقتصاد السوري للوصول إلى تفعيل المزايا النوعية فيه والاستفادة بتسويقه محلياً وعالمياً مما يساهم في ارتقاء المزايا النوعية للتنمية الوطنية على مختلف الصعد بالتركيز على التنمية الذكية والبيئية النوعية بعد تفعيل دور الجامعات ومراكز البحوث العلمية وربطهما بالمجتمع نظرياً وعملياً لخلق ثقافة قادرة على الإجابة على أسئلة العصر ومواكبته بإنتاج وطني متطور على مختلف الصعد يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية التي ترسم مستقبل سورية الحديثة.