عبّرت حماس في أكثر من موضع عن إدراك دقيق ومسبق بطبيعة التحولات في المجتمع والسياسة الإسرائيلية، فالمجتمع يميل نحو اليمين المتطرف بشكل متسارع، وبدأت مؤسسات إسرائيل العسكرية والسياسية تأخذ تدريجيا سمة المجتمع المتطرف.
حماس التي أطلقت في قطاع غزة، فجر السبت، عملية "طوفان الأقصى"؛ رداً على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، تمكنت من أسر عدد كبير من الجنود والمستوطنين ما سيجعل لها اليد العليا في تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، الأمر الذي سيعزز مكانتها وشعبيتها بشكل شبه مطلق، في ظل تراجع للسلطة الفلسطينية التي تعاني انسداداً مطبقاً في مشروعها السياسي.
لم تكن هذه الأحداث الوحيدة المرتبطة بطوفان الأقصى فقد استطاعت العملية أن تقلب الطاولة في الوضع الفلسطيني وفي المنطقة برمتها، وأن تؤكد صعوبة تجاوز الفلسطينيين في أي محاولة لتصفية قضيتهم، فاليوم حماس تؤكد مرة أخرى على ريادتها في البيئة السياسية الفلسطينية وأنها تكرس قدراتها العسكرية والسياسية في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الفلسطينيين، على مستوى المساس بالمقدسات واستفراد الجيش والمستوطنين بالضفة الغربية.
عملية "طوفان الأقصى" بجملة من الأحداث العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة على الحدود بين قطاع غزة والمستوطنات الإسرائيلية المحاذية، نجحت في دفع جميع الأطراف لإعادة حساباتها، ووجهت صفعة كبيرة لإسرائيل، وكسرت صورتها في تصورات صناع القرار الدوليين والإقليميين، ومن المتوقع أن يكون لذلك تداعيات داخل إسرائيل نفسها وفي المنطقة وعلى مسارات التطبيع.