الإعلام تايم | كنان اليوسف
ثلاثة عشر عاماً من الحرب على سورية.. انقضت الحرب التي اندلعت شرارتها الأولى تحت شعارات الحرية والتغيير.. سرعان ما تكشفت بأنها حرب على سورية الدولة والجغرافية، وعلى البلد الذي وقف في مواجهة المشروع الذي يحاك للمنطقة بأكملها.
ثلاثة عشر عاماً انتهت و خسرت سورية ما خسرته وما زالت في الموقع الذي انتهجته السياسة السورية لعقود خلت.. فكيف أثمرت تحالفات دمشق الاستراتيجية في مواجهة هذه الحرب التي شنت بهدف تغيير سياساتها وتحالفاتها.؟
يجيب على هذا التساؤل الباحث السياسي والبرلماني السوري السابق مهند الحاج علي في حديث خاص لموقع الإعلام تايم.
تحالفات ثابتة لا مصلحية
يقول "الحاج علي" أنه "منذ سبعينيات القرن الماضي انتهجت سورية سياسة مناهضة للسياسات الأمريكية وعليه اتخذت منحنى الاعتماد على الذات وعلى البعد العربي واستغلال مواردها وعلاقاتها السياسية ومنذ ذلك الحين بنت تحالفات إستراتيجية أتت أُكلها بشكل أوضح في عام 2011 عندما تعرضت للحرب الإرهابية بعد أن بنت علاقات جيدة مع الاتحاد السوفيتي وتطورت العلاقات بعد تولى الرئيس الأسد والرئيس بوتين الرئاسة في كلا البلدين فتطورت هذه العلاقات على زمن الاتحاد الروسي ،كما كانت سورية من أوائل الدول التي دعمت الثورة الإسلامية في إيران بالتالي نسجت معها تحالفات إستراتيجية لا يمكن تغييرها كما اقامت علاقات عربية جيدة وكان لها مواقف جدية لدعم البعد العربي .
وأضاف الحاج علي أنه "وبعد أن تعرضت سورية لهذه الهجمة بانت الحقيقة وبات واضحاً كيف أن كثير من الدول العربية كانت علاقاتها هشة مع سورية وحاولت استغلال هذه العلاقات للإضرار بها ولكن العلاقات الثابتة الراسخة كانت مع دول أخرى مثل الجزائر واليمن والعراق بالتالي أرخت هذه العلاقات بظلالها على استمرارية العلاقات، بالإضافة إلى علاقات سورية الوطيدة مع الصين وإيران وروسيا التي اشتركت في حرب الشعب السوري ضد المجاميع الإرهابية .
وعليه أدركت دمشق منذ بداية الحرب أنه لا يمكن التعويل على السياسية الأمريكية طالما أن هذه السياسة هي مصلحية وليست مبنية على الأخلاق وبالأصل لايوجد سياسة أمريكية وهو ماعبر عنه الرئيس الأسد بأنها عبارة عن علاقات تجارية تقوم بها مؤسسات أمريكية تقوم بتعيين الرئيس الأميركي خدمة لمصالحها ، وهذا كان واضحاً من دروس الفيتنام عندما تخلت واشنطن عن حلفاءها وكذلك في أفغانستان وبعض الدول العربية التي تحالفت مع الولايات المتحدة الأمريكية وتخلت أمريكا عنهم في لحظات الشدة بالتالي سورية أدركت أنه لايمكن بناء أي علاقات إستراتيجية مع الغرب ومع الولايات المتحدة الأمريكية طالما أن لها مطامع دائماً في منطقتنا وتبحث فقط عن مصالحها دون مصالح الآخرين.
عالم جديد بدأ يتشكل بعد الحرب على سورية
وأشار الباحث السياسي السوري في حديثه للإعلام تايم أنه و بعد العدوان على سورية والحرب الإرهابية بدأ فعلياً تشكل عالم آخر متعدد الأقطاب، القطب الشرقي هو الذي يساند سورية ويدعمها ضمن علاقات تاريخية واستراتيجية ، وبالتالي كانت سورية وما زالت الحجر الأساسي في تشكيل هذا المعسكر الشرقي المناهض للسياسات الأمريكية والذي يخلق من خلاله عالم متعدد الأقطاب يستطيع أن يقدم عروض سياسية واقتصادية وتجارية مبنية على احترام الغير وحق الشعوب في تقرير مصيرها واحترام تاريخ هذه الشعوب ومقدراتها وثرواتها دون مطامع بالسيطرة على هذه الأراضي على عكس السياسية الأمريكية، لذلك انتهجت سورية هذا النهج واستغلت هذه العلاقات من أجل مصلحة الشعب السوري .
عودة العرب مؤشر لصوابية الموقف السوري
وأكد الحاج علي أن سورية بنت علاقات عربية ممتازة وكانت هناك دائما معادلة يقال عنها (س_س) يعني سورية والسعودية وخاصة بعد أن فقدت سورية ورقة مصر عام 1978 بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد اعتمدت القيادة السورية على دعم المقاومات لكي تكون سانداً لها في قضيتنا الأساسية تحرير فلسطين والأراضي المحتلة كما كانت سورية تنسج علاقات سواء مع دول الخليج أو أفريقيا أو المغرب العربي بشكل يتيح خدمة هذه القضية بمعنى أنها وظفت علاقاتها من أجل خدمة القضية الفلسطينية، إلى أن تغير كل شيء بعد مايسمى بالربيع العربي وبدأت هناك الكثير من الإدارات العربية وليست الشعوب تناصب العداء للدولة السورية والشعب السوري وتواطأت أيضاً في سفك الدم السوري ولكن بعد تغيير هذا الإدارات وإدراكها حجم سورية وموقعها الجيوسياسي والاقتصادي وعلاقاتها القوية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أدركت أنه لايمكن بناء استثمار دون استقرار ولايمكن صناعة استقرار في غرب آسيا ككل دون سورية بالتالي اتخذت هذا النهج من العودة الى دمشق وهو ما يؤشر إلى صوابية الخيارات السورية في علاقاتها مع العرب رغم سنوات القطيعة، إضافة لوجود رؤية مختلفة لبعض دول الخليج بضرورة دعم الشعب السوري الذي صمد واحترام تجربته النضالية منذ ٢٠١١ حتى الآن ، وهذا ما استغلته سورية بانتهاج نهج غير انتقامي عملاً بما أكده الرئيس الأسد بأن سورية لا تنظر إلى الوراء في علاقاتها العربية وتنطلق في هذه العلاقات من منطلق الأمن القومي والاقتصادي والسياسي العربي وهو ما تحاول سورية إعادة نسجه من جديد منذ حضورها الأول لاجتماعات الجامعة العربية.