الإعلام تايم - الديار
حديث في عاصمة خليجية عن "الصدمة الروسية". موسكو تسأل "كيف تدار ومن يدير المملكة العربية السعودية؟".
شهرياً، يلتقي السفير الروسي في تلك العاصمة ببعض النخب الثقافية والإعلامية. وأحياناً السياسية. قبل الاعلان عن زيارة الأمير محمد بن سلمان للكرملين، بدا السفير غاضباً بل ومذهولاً "هل يستطيع دونالد ترامب أن يحمي نفسه لكي يحميكم؟".
السفير وصل الى حد وصف ما حصل بـ "الانتحار". لاحظ أن المشهد العالمي، وحتى الإقليمي، أكثر تعقيداً بكثير من أن يراهن نظام ما في بقائه على دولة عرفت بالتذبذب السياسي والتذبذب الاستراتيجي على مدى عقود طويلة...
في رأيه أن المملكة تمتلك ثروات هائلة، وقدرات مالية هائلة، بالإضافة الى التأثير المباشر أو غير المباشر في دول شتى. ولكن على ما يبدو أن الخوف من المستقبل حال دون اللجوء الى الحد الأدنى من الحنكة...
الأمير محمد بن سلمان الذي يمسك بأكثر الخيوط والذي لا شك يخطط لخلافة والده، يعتبر أن 99 في المئة من أوراق اللعبة في الشرق الأوسط هي في يد الولايات المتحدة. الآخرون، بما في ذلك روسيا والصين ظواهر هامشية، أما أوروبا فلا تعدو كونها ضاحية أميركية. ضاحية الصفيح كانت لولا القاطرة الألمانية...
السفير لاحظ أن هذه كانت فلسفة أنور السادات عندما ذهب الى أورشليم، وعندما عقد اتفاق كامب ديفيد، فماذا قدم الأميركيون له، وماذا قدموا لمصر التي تمضي من تعثر الى تعثر حتى بات الجنيه المصري رهين المساعدات المبرمجة وذات الأبعاد السياسية التي تحول دون أي دور محوري للدولة العربية الكبرى؟...
السفير الروسي قال أن فلاديمير بوتين قدم الكثير من النصح للمملكة. وقف الى جانبها في ملفات حساسة، وعلى رأسها الملف اليمني، مع أن اللعب الاستراتيجي في تلك التضاريس البائسة والمعقدة لا يعدو كونه لعباً عبثياً لن يستنزف اليمنيين الذين يتعايشون مع الكثير من الحطام ومع القليل من الأمل، بل إنه يستنزف دراماتيكياً، السعودية وبما تعنيه الكلمة...
في نظره أن السعوديين الذين تعاونوا مع الجميع، بما في ذلك مع الفصائل الأشد تطرفاً، على الأرض السورية، والذين لم يحققوا أي شيء على الاطلاق، مازالوا يرفعون شعار "إزالة" بشار الاسد، ودون أن يتمكنوا لا من صناعة الشخص البديل ولا من صناعة النظام البديل...
يمضي السفير "لقد خبرنا في جنيف وفي آستانا أي نوع من الرجال اختار السعوديون ليحكموا سوريا. لا يمكن أن تتصوروا أي خلطة عجيبة، وأنا لا أبالغ اذا قلت أن بعضهم يعملون لحساب النظام السوري".
يتابع "في الكثير من المرات، قلنا للسعوديين تعالوا نتفاهم. اذا سقط "النظام"، فإن التنظيمات الأكثر جنوناً والأكثر راديكالية، ستضع يدها على دمشق وتؤسس لحالة تهدد كل بلدان المنطقة اذا لم تخض في ما بينها حرب المائة عام".
في أكثر من مرة، كان هناك رهان على تركيا كما لو أن رجب طيب أردوغان يعمل لغير رجب طيب أردوغان "ولقد عرضنا أنفسنا، مرات عدة، للاضطلاع بدور الوسيط، الوسيط الفعال، بين الرياض وطهران لأن الصراع بينهما صراع سيزيد ولا يخدم مصلحة أي منهما. وكنا واثقين من أن التعاون يمكن أن يحل الكثير من الأزمات، وبعضها يضغط بشدة على السعوديين. الرد كان دائماً نصف سلبي أو سلبي بالكامل".
وقال "كانوا ينتظرون دائماً الكلمة الأميركية. ولم يصدقنا السعوديون أن الأميركيين إنما يدفعونهم الى الهاوية. ماذا باستطاعتنا أن نفعل أكثر مما فعلناه؟".
غداً ..... قصة القيصر والأمير.