الاعلام تايم _الوطن العمانية
صار انتصار حزب الله شابا وله من العمر سبعة عشر عاما .. وفي هذا العمر عضلات مفتولة وحواس سليمة وقديرة، ونشاط مذهل وحيوية فريدة وإقدام عاقل رغم السن الصغير ..
نكبر السنوات بالأعمار وبأشكال البشر، دخلها حسن نصرالله بشعر وجهه الأسود، وهاهو البياض يرسم وجها دفن فيه الصدق والمثالية. من الصعب أن يحبك الناس إن لم تكن صادقا .. إن وعد وفى، وإن تحدث أثبتت نبرات صوته عمق الصدق .. لهذا يحار الإسرائيلي مع عدو يرى فيه تلك الصفات فيما يرى عكسها في قيادته.
لأول مرة تمر تلك السنين على جبهة لبنان الجنوبية بدون تحرش أو عدوان، لافت للاستراتيجيين لو تأملوا ودرسوا ماهو مثبت في عقل الإسرائيلي تجاه جبهته الشمالية التي جاءت ردود فعله بالذهاب لإنشاء جدران فاصلة بين حدود كيانه والحدود اللبنانية. إسرائيل الكبرى تنقرض، والصغرى تصغر، والجدران تسجن الكيان، تجعله معنى لخوف من، وليس قوة على ..
انتهى زمن اصطكاك الأسنان خوفا لدى الجنوبيين اللبنانيين الذين حولوا قراهم ومدنهم إلى بيوت صارخة في أناقتها وإلى حدائق تسرح فيها البلابل .. انتقل هذا الخوف إلى حدود الكيان الذي بات يعرف أن أية حرب مقبلة ستكون في مساحته الجغرافية .. ستمتلئ مستوطناته بأرجل المقاومين، وسيكون هناك علم جديد في الشرق الأوسط الذي عاش هزائمه أمام إسرائيل, هذا العلم انفجار مابعد الحدود، تصويبا إلى العناق بين مقاومي حزب الله وأرض فلسطين، موعد لزمن جديد، ثأر من هزائم عربية أبرزها العام 1967 التي هزت دموع أعز الرجال جمال عبدالناصر.
حتى الإسرائيلي لايصدق أن كيانه الذي لم ينس الحرب التي هي ضرورة له كل عشر سنوات، يعيش صمتا فيه كآبة عمر وحسرة أجيال كم صعبا على كيان تردد دائما أنه الأقوى في الشرق الأوسط، بل هو القوة المميزة في العالم، يهترئ صبره على البطيء وهو لايدري ماذا يفعل لكي يفعل، وأمامه قوة لن يراها إلا لحظة تفكيره بإعدام جنوده إذا مامشوا باتجاه حدود لبنان على أمل حرب من الصعب أن تستوفي شروطها لتكون انتحاره بالتالي.
هي الآن لعبة سنين لا أكثر، جيش اعتاد الحرب كل سنوات بعدد اليد الواحدة أو اليدين يتردد، أو يقال إنه مل التفكير بها، ولكثرة ماهي حاضرة في ذهنه يأكله الأمل والظنون الفتاكة، فما أصعب الانتظار أمام الذات، ولهذا يلجأ إلى المناورة إثر المناورة، لابد أن يقول لمستوطنيه إننا نستعد لليوم الموعود فلا تجزعوا، وما هذا التدريب سوى الاستفتاء على القدرة. لكنه يكتشف حسرته عند كل مناورة، من هنا جاء بناء الجدران عند حدود لبنان، إحساس نفسي بالبديل، لكنه أيضا كما قلنا خوف مما قاله يوما الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد جبريل بأن ليس المهم أن تصل قذائف المقاومين بل أرجلهم.
من المؤكد أن الجندي الإسرائيلي لديه شوق للحرب لكنه ليس مع حزب الله، فمن أين يخترع الجبهة التي يتحرك بها ويعيد مكاسبه ليشعر بالفخار من جديد، وهو الذي شاهد صراخ وبكاء رفاق له سبق وحاولوا اجتياح جنوب لبنان فمنهم من مات ومنهم من جرح ومنهم من علق في مصيدة وفخ.