الإعلام تايم- المنار
أشارت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" الى أن "180 شخصاً على الأقل قتلوا جراء الإسهال الحاد منذ 27 أبريل/نيسان وأن هناك 11 ألف حالة أخرى يشتبه في إصابتها بالكوليرا في أنحاء اليمن"، وبينما حذرت منظمات أخرى أن "أعداد المصابين بالكوليرا ستشهد تزايداً خلال الأسابيع والأشهر المقبلة وأن انتشار المرض سيتواصل ليبلغ مناطق جديدة في ظل انهيار النظام الصحي".
يذكر أن وباء الكوليرا يجتاح المحافظات اليمنية منذ ما يقارب أسبوعين، علماً أنه منذ حوالي الثلاثة أشهر انتشرت موجة من الكوليرا لكن سرعان ما انحسرت، وقد أعلنت "وزارة الصحة اليمنية" العامة الأحد 14-5-2017 حالة الطوارئ في العاصمة اليمنية صنعاء، واعتبرت أنها مدينة "منكوبة" بسبب انتشار وباء الكوليرا فيها.
ولكن من يتحمل المسؤولية حول انتشار هذا الوباء المميت في اليمن؟ هل تتحمل قوى العدوان هذه المسؤولية بشكل منفرد أم أن هناك من يشاركها في ذلك؟ أين المنظمات الدولية الإنسانية والحقوقية وأين الأمم المتحدة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الاسلامي من كل ذلك؟ أليس من الواجب القانوني والأخلاقي والديني أن تتحرك هذه الجهات؟ وهل فقط القصف والحصار من تسبب بانتشار الكوليرا أم أن هناك ممارسات معينة قامت بها قوى العدوان لزيادة انتشار هذا الوباء؟
الكوليرا في اليمن وأين دول العالم التي تتغنى بحقوق الإنسان والديمقراطية والحريات؟ هل سمعت هذه الدول بما يجري من قتل بطيء للشعب اليمني بالتوازي مع القتل السريع والعشوائي عبر قصف الطائرات والمدافع وغيرها من الأسلحة الأوتوماتيكية الحربية الفتاكة؟ أين الدول الصناعية الكبرى التي تبيع السلاح للسعودية والإمارات وغيرها من دول العدوان؟ أليس لدى هذه الدول الصناعية أدوية وعلاجات مصنعة كي تبيعها لعلاج اليمنيين المرضى والمهددين بالموت المحتم في كل لحظة؟ وكيف يمكن مساعدة الشعب اليمني في ظل كل هذا التواطؤ الغربي والعربي الرسمي وربما الشعبي أحياناً؟ ومن الذي سيحمي هذا الشعب أمام آلة القتل المستمرة منذ أكثر من سنتين؟ وبعد أيام ستعقد "قمة" في السعودية تجمع زعماء عرب ومسلمين مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب فهل ستحضر مآسي اليمن في هذه القمة؟
محلل يمني: احتمال استخدام العدوان لسلاح بيولوجي
حول كل ذلك، قال الإعلامي والمحلل السياسي اليمني علي الجاحز إن "هذا الوباء أصبح اليوم حديث الناس وينتشر بكثرة في مختلف المحافظات اليمنية في الجنوب كما في الشمال وفي المدن أكثر من الأرياف"، ولفت الى أن "هناك احتمالات وتحليلات تتحدث عن إمكانية استخدام قوى العدوان لسلاح بيولوجي خاصة أن الوباء ظهر في بعض الأماكن كالآبار الارتوازية ومكان وجود المياه في عدة محافظات"، وأوضح أن "وزارة الصحة اليمنية تُجري اليوم التحقيقات والفحوصات المخبرية اللازمة للكشف عن الأسباب الحقيقية لانتشار الوباء"، مشيراً الى أن "هناك مطالبات شعبية للسير بمثل هذا التوجه".
ولفت الجاحز في حديث خاص لموقع "قناة المنار" الى أنه "قبل فترة تزيد عن الشهر ونصف سُرقت مواد وعينات بكتيريا من مراكز تحليل ومختبرات في أحد مستشفيات تعز حيث كانت تقام عليها بعض الفحوصات والتحاليل، ويمكن الربط بين سرقة هذه العينات وما يجري اليوم من انتشار للكوليرا"، ورأى أنه "ربما قد استخدمت هذه العينات والبكتيريا المسروقة بقصف معين من الطائرات التابعة للعدوان أو عبر إلقائها من الطائرات بطريقة خاصة في أماكن محددة”، وتابع أنه "في الفترة الماضية كان يسجل تحليقاً مكثفا للطائرات في سماء صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية بدون أي قصف مباشر أو واضح"، وأكد "نحن لا نستبعد أي شيء من قبل قوى العدوان خاصة أنه سبق أن استخدمت الأسلحة البيولوجية وجربت أنواع مختلفة من الأسلحة والقذائف"، مذكراً "بحصول ولادات كثيرة تشوبها تشوهات خلقية بالغة بسبب هذا النوع من القصف والاسلحة المستخدمة".
وقال الجاحز إن "هناك حملات توعية على مستوى واسع في محاولة لتفادي الاصابة بوباء الكوليرا والوقاية منه بالإضافة الى جهود محلية لمنع انتشاره والعمل على مكافحته بالسبل المتاحة"، وتابع "إلا أن الجميع يعرف ظروف اليمن فهو محاصر ويعاني نقصاً شديداً في الإمكانات الصحية والأدوية ما يؤدي الى تزايد مستمر في عدد الاصابات"، ولفت الى أنه "قبل أيام قليلة كان عدد المصابين 8000 واليوم وصل العدد الى 14000 حالة ومن المتوقع أن تصل في نهاية الأسبوع الى 20000 حالة”، وأضاف "ربما الشعب كله معرض لأن هذا الوباء من الأوبئة المعدية وسريع الانتقال والانتشار".
وحول مواقف الحكومة التابعة للرياض من انتشار الكوليرا، قال الجاحز إن "هذه الحكومة التي اعتبرت أن الإعلان عن الوباء في اليمن غير شرعي تؤكد أنها لا تعرف ولا تعاني ما يعانيه الشعب اليمني وأن السياسييين التابعين للسعودية لا يعيشون حقيقة ما يعيشه شعب اليمن من مأساة وبالتالي هم لا يدركون الخطورة التي يمر بها اليوم هذا الشعب"، واصفاً مواقف هذه الحكومة من الكوليرا "بالمضحكة والسخيفة".
النظام العالمي بأكمله داخل دائرة الشبهة..
تسجيل إصابات بوباء الكوليرا في اليمن وبالنسبة لدور المنظمات الدولية، قال الجاحز إن "هذه المنظمات لم تبذل اي جهد في سبيل مكافحة هذا الوباء وكلام ممثل الامم المتحدة الاخير يؤكد ذلك”، ولفت الى ان “المدنيين اصبحت لديهم قناعة ان العالم كله متواطئ والنظام العالمي كله بما فيها الامم المتحدة والمنظمات الدولية وحتى غير الحكومية كلها دخلت في دائرة الشبهة لانها لا تتحرك خاصة بخصوص مسائل خطيرة كالكوليرا او المجاعة في اليمن”، وتابع ان “ما يجري في بعض الدول تقوم الدنيا من اجله ولا تقعد رغم عدم صحته او بالحد الادنى عدم ثبوت حصوله”، سائلا “أين هذا العالم وهذه الدول والمنظمات من كل ما يجري اليوم في اليمن من جرائم بحق الانسانية؟”.
وفيما يتعلق بزيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى السعودية وعلاقتها بما يجري في اليمن، قال الجاحز إن "قوى العدوان استخدمت في السابق كل الأساليب المتاحة لتحقيق انتصار لها في اليمن من دون جدوى وهم يمنّون أنفسهم بالخروج من المأزق الذي أدخلوا أنفسهم به في اليمن وما يحصدونه من فشل ذريع هناك”، واعتبر أن "الاستنفار الدولي الى المنطقة سببه الفشل في اليمن نتيجة صمود الشعب اليمني غير المألوف وهذا الاستنفار سيتوج بزيارة ترامب الى السعودية ومن ثم الى اسرائيل"، وأشار الى أن "هذه الزيارة ستهدف الى إحداث تغييرات في المنظومة العدوانية أو تغييرات في منظومة التحالفات أو الأدوات أو الخطاب أو أشكال هذه الأدوات"، ورأى أن "أداء الادوات بعد زيارة ترامب سوف يتغير باتجاه اليمن وسورية والعراق"، ولفت الى أن "كل ذلك سببه بشكل مباشر وأساسي صمود شعوب المنطقة وعلى رأسها الشعب اليمني المحاصر منذ ما يزيد عن السنتين"، منوها "بالصمود الأسطوري لهذا الشعب الذي تتآمر عليه كل هذه الجهات وهو لا يملك الا الدعم من رب العالمين".