الإعلام تايم- الوطن العمانية
ما يجري في المنطقة ليس وليد الصدفة، وهو ما قلناه مرات، لأنه مخطط موضوع منذ زمن ليس بالقريب، وخصوصاً لدول مثل سورية والعراق وليبيا، والواضح أنه لم يتم استهداف غيرها باستثناء اليمن الذي لها وضعية خاصة إقليمية تحديداً.
الرئيس الاميركي ترامب قال أن العراق كان أفضل مع صدام حسين وليبيا أفضل مع القذافي، لكن الذي يختبئ وراء الكلمات المشجعة، أن من خطط لرحيل الرئيسين العراقي والليبي، كان يعرف أن الفوضى ستضرب البلدين وسيصلان إلى ما وصلا إليه، فليس أولاً سهلاً تغيير نظام حكم متجذر لسنوات طويلة مع كل صعوبة ما تتركه فكفكة مؤسساته والآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية التي يتركها. وفي حدود علمنا، فإن مجرد احتلال أميركا للعراق كان يعني اسقاط نظامه القائم حكماً وكل تبعاته أيضاً، والأمر ذاته مع ليبيا. وما يحضر لسورية شبيه بما وصلت إليه الدولتان العربيتان .. ولنتصور أن التنظيمات المسلحة الإرهابية تمكنت من التحكم بسورية بعد الإجهاز على الدولة والنظام وتفتيت الجيش والمؤسسات، فماذا سيحدث، وكلنا يعلم أن هذه التنظيمات لا يمكن أن يكون بينها انسجام، وهي كانت دائمة التقاتل والصراع على النفوذ والمواقع .. فكيف لها أن تمارس الحكم أن تمكنت، والنموذج الليبي حاضر أمامنا وموثق تماماً بالحالة المعقدة التي بلغتها الساحة السياسية والإنسانية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية، بل صعوبة أن تصل إلى عملية توحد التنظيمات التي تفتك بكل عناصر الوحدة الليبية.
انتهى عصر الكلمات الحقائق، فما يدور في المنطقة واقع تنفيذي لها لمنطقة يراد لها أن تكون مختلفة، وقد لا نفلت من أن نفيق يوماً لنجد في جامعة الدول العربية أكثر من خمسين بلداً عربياً بدل العدد الحالي، ولكل بلد علمه ونشيده الوطني ونظامه، وكل ما قرأناه في هذه الصدد من قديم ما تعرضت له المنطقة، أثبت حقائقه.
يمكن أن يختلف الكبار فيما بينهم على مصالح تخص كلا منهم، الا أنهم بالتأكيد يتفقون على شكل المنطقة العربية وهويتها الآن وفي المستقبل، ولست أغالي القول، أنها أجندة تضعها اسرائيل منذ قيامها ونجري عليها تحسينات لدى كل من يتسلم زعامة الكيان الصهيوني، ولأن نتنياهو يتفهم جيداً ما وصلت إليه من خلاصات الفوضى العارمة الضاربة في المنطقة، فعليه أنه ملزم لتقديم تصوراته الجديدة المضافة على القديم للاعبين الكبار.
لم تعد هنالك ربع ساعة أخير ولا حتى ساعات تضبط زمن المطلوب تغييره في منطقتنا، بقدر ما هنالك سيناريو سيحكمها مهما كلف الأمر. ومهما قيل في هذا الذي حدث ويحدث عند العرب، فهو كارثة بكل معنى الكلمة، وكل عناصره الواضحة تنبئ بأنه لا نهاية له في المدى المنظور .. وإن الصورة القاتمة هي الحاكمة، والكل يتحرك وفق ما هو مرسوم، ويجب أن لا يحيد أحد عنه، والا أصابه ما يصيب سورية التي اندفعت في مقاومة المخطط، فصار عليها شرط إطالة أمد حربها وقتل ما يمكن منها وتخريب منجزاتها وضرب أجيالها كلها في قواعد عيشها وتعلمها واستقرارها وثباتها على أرضها.
هي الصورة التي من المؤسف تقديم وصف لها ونحن نستعد للمزيد من الصراع الذي لم يثبت على شكل، بل على متغيرات لا تلبث أن تلد اخرى في كل مرة.