الإعلام تايم -السفير
سباق بين لندن و"الائتلاف السوري" ورواسب "مجموعة أصدقاء سوريا"، وبين اجتماع كيري ـ لافروف في جنيف لإفشال أي تفاهم روسي اميركي. الخارجية الأميركية كانت لا تزال ليلاً غير قادرة على تأكيد اجتماع وزيرها جون كيري بالوزير الروسي سيرغي لافروف الذي أكدت وزارته في المقابل انعقاد الاجتماع، فيما يمعن الروس في التفاؤل والتعميم على أصدقائهم الانطباع أنهم يعيشون مرحلة ما بعد الاتفاق مع الأميركيين، حتى قبل أن تبدأ اجتماعات اليوم والغد في جنيف.
الرهان على إفشال التفاهم المحتمل بدا لافتاً في ما قاله المنسّق العام لـ "الهيئة العليا للمفاوضات" رياض حجاب بدفع سعودي واضح لتطابقه الدائم مع ما قاله وزير الخارجية السعودية عادل الجبير من أنه لا حل مع بقاء الرئيس بشار الاسد في الرئاسة، وهي رسالة سعودية للإدارة الاميركية الحالية.
حجاب الذي يدرك أنه لا بد من كسب الوقت وانتظار ذهاب ادارة أوباما المتهمة بالتساهل مع الروس، رفع النبرة وقال إنه سيرفض أي اتفاق أميركي روسي لا يتوافق والرؤية الائتلافية المركبة من مراحل ثلاث، يخرج منها الرئيس بشار الأسد في مرحلتها الثانية، أما البقية فمن الكلاسيكيات غير الواقعية لـ "معارضة" الرياض. الرهان الائتلافي على حاله بدفع سعودي لإطالة الحرب في سورية ورفض كل التسويات المعروضة على طاولات البحث، ينتظر سقوط الادارة الاميركية الحالية وصعود ادارة كلينتونية جديدة أكثر عدوانية وهجومية إزاء دمشق، تعتقد "المعارضة الائتلافية" أنها ستجدد فرصتها لاستلام السلطة في سورية. المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون لا تبدو على الإيقاع الائتلافي نفسه بأي حال، فهي استبعدت في آخر تصريحاتها السورية "إرسال أحد من الاميركيين الى سورية".
التصعيد السعودي الائتلافي يتزامن مع توقعات عبَّرت عنها مصادر ديبلوماسية روسية، قالت إن الديبلوماسيين الروس يعدون لمرحلة ما بعد الاتفاق مع الأميركيين، وأن الأميركيين أبلغوهم أن ما يعرضه "الائتلاف" من رؤية ليس عقبة أمام التفاهم معهم إذا ما توصلوا الى صيغة مقبولة ومعدّلة للتصور الاميركي للحل في سورية، كما ظهرت في ما تسرب من رسالة السفير الأميركي الى "الائتلاف" السوري مايكل راتني.
وبدت المواقف شديدة التباعد خاصة أن الخطة الاميركية، كما عرضها راتني، غير متوازنة على الإطلاق لا ميدانياً ولا سياسياً، وهي تميل بشدة لمصلحة المعارضة المسلحة. وقال المصدر الديبلوماسي إن الاميركيين أبلغوا الروس أنهم لن يتمسكوا بـ"الائتلاف" ولا بوفده التفاوضي إذا ما توصل الطرفان الروسي والأميركي الى تفاهم مشترك.
وقال معارضون سوريون في جنيف لـ "السفير" إن الروس اتفقوا مع الوسيط الدولي ستيفان دي ميستورا أن يبدأ بدعوة منصات القاهرة واستانا والرياض وموسكو في الـ 28 من هذا الشهر ليعرض عليهم خريطة الطريق الى المفاوضات التي ستبنى على التفاهمات الروسية الأميركية.
لكن التفاهمات التي بدأ البحث بها منذ شهر آذار الماضي وتصاعد الحديث عنها في لقاءات الوزير جون كيري في موسكو في تموز الماضي، لا تواجه الابتزاز الأميركي للروس فحسب بل وخوفهم من استنزافهم في سورية إذا ما تأجل التفاهم، وذهبوا لمواجهة إدارة مقبلة أقل ميلاً للتسويات في سورية.
كما أنها لا تأخذ بالحسبان نتائج التدخل التركي الذي بات يحتل أكثر من 600 كيلومتر مربع من الأراضي السورية، والراجح أن التفاهمات ستبقى غير محتملة إذا لم تأخذ واقعة التمدد التركي. ويبدو التأجيل في التفاهمات مقصوداً للسماح للأتراك باستكمال عمليتهم العسكرية في الشمال السوري واحتواء أو استئصال المشروع الكردي.
ويبدو أن التفاهم الوحيد القائم فعلياً هو توزيع النفوذ في الشمال السوري مع استعادة الجيش السوري لطوق حلب وتحجيم المشروع الكردي. وكان تصريح رجب طيب أردوغان أن الأميركيين قد عرضوا عليه المشاركة في عملية الرقة ضد "داعش"، تمهيداً للتوسع في شرق الفرات والتدخل عبر ممر تل أبيض العربي الذي ضمه الأكراد الى كانتون عين العرب في تموز العام الماضي.
ويتقدم الأتراك لفصل كانتون عين العرب "كوباني" عن كانتون الحسكة، وإعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل عملية الضم. ويمكن القول إن أول نتائج العملية التركية، كردياً، هو تأجيل البدء بالعمل بدستور الفدرالية روج افا ـ الشمال السوري، والذي كان من المقرر أن يحول الحسكة وعين العرب وعفرين الى فدرالية تحكمها "وحدات حماية الشعب".
عوداً على بدء، لدى "الائتلاف السوري المعارض" وإلى الرؤية التي عرضتها هيئته التفاوضية على "مجموعة دعم سوريا". المجموعة التي اختارتها الرياض لتمثيل "المعارضة" السورية قدمت رؤية جديدة في اجتماع ما تبقى من "أصدقاء سوريا "، بعدما هجر اجتماعاتها أكثر من مئة دولة وآخرها مصر، لتعود الى النواة الصلبة المتبقية، والتي باتت تقتصر على أقل من عشرين بلداً ومنظمة.
الرؤية ليست محل نقاش لأنها تعيده أصلاً الى نقطة الصفر، ولا تعكس حقيقة موازين القوى في سورية التي لا تميل قطعاً الى "المعارضة" المسلحة، وبنائها على خريطة سورية الميدانية للعام 2012 وتجاهلها الكثير من الوقائع الجديدة لا سيما الانخراط الروسي العسكري المباشر الذي حطم كل احتمالات أن تدخل "المعارضة يوماً ما الى دمشق ظافرة، إنما حطم أيضاً احتمالات أن تعود الى ضواحيها أو ريفها الذي باتت محاصرة فيه، كما هي محاصرة اليوم في الجزء الشرقي لمدينة حلب.
لكن الرؤية التي ألهمها السعوديون على الأرجح للائتلافيين تمثل مع ذلك انتكاسة كبيرة لما بات يعد إجماعاً على اعتبار بقاء الرئيس الأسد في منصبه خارج التداول، وتأجيل البت فيه الى ما بعد تحقيق خريطة التفاهم الاميركي الروسي، كما تبلورت بشكل واضح في فيينا: حكومة وحدة وطنية، وقف إطلاق للنار، فتعديلات دستورية، تليها بعد 18 شهراً انتخابات برلمانية ورئاسية.
وأوضح حجاب أن المرحلة الأولى "عبارة عن عملية تفاوضية تمتد ستة أشهر تستند الى بيان جنيف لعام 2012، يلتزم فيها طرفا التفاوض بهدنة مؤقتة"، مشيراً الى أن هذه المرحلة يجب أن تتضمن "وقف الأعمال القتالية وجميع أنواع القصف المدفعي والجوي وفك الحصار عن جميع المناطق والبلدات والإفراج عن المعتقلين وعودة النازحين واللاجئين الى ديارهم ووقف عمليات التهجير القسري". أما المرحلة الثانية فتمتد 18 شهراً و"تبدأ فور توافق طرفي التفاوض على المبادئ الأساسية للعملية الانتقالية وتوقيع اتفاق يضع هذه المرحلة ضمن إطار دستوري جامع"، وتتضمن أيضاً "وقفاً شاملاً ودائما لإطلاق النار وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تستوجب رحيل بشار الأسد وزمرته، ويتم العمل على صياغة دستور جديد وإصدار القوانين لإجراء انتخابات ادارية وتشريعية ورئاسية"، كما شددت الخطة على ضرورة أن "تتمتع هيئة الحكم الانتقالية بسلطات تنفيذية كاملة".
وحددت الخطة مهام "الهيئة الانتقالية" في إطار المرحلة الثانية، وهي "سلطات تنفيذية كاملة تتضمن: إصدار إعلان دستوري مؤقت يتم تطبيقه على امتداد المرحلة الانتقالية، وتشكيل حكومة تصريف أعمال وإنشاء مجلس عسكري مشترك ومحكمة دستورية عليا وهيئة لإعادة الإعمار وهيئة للمصالحة الوطنية وعقد مؤتمر وطني جامع وإعادة هيكلة القطاع الأمني".
ووصف حجاب المرحلة الثالثة للخطة بأنها "تمثل انتقالاً نهائياً عبر إجراء انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة". وأشار إلى أن التحدي الأكبر في سبيل تحقيق الانتقال السياسي يأتي من المجتمع الدولي، مشيراً إلى الحرس الثوري الإيراني وفصائل مسلحة إقليمية أخرى وقبل كل ذلك روسيا لحمايتها للأسد.
بوريس جونسون
وكتب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في مقالة في صحيفة "التايمز": "لا تزال هناك فرصة لإنجاح هذه الرؤية، إذا ما تمكن الروس والأميركيون من التوصل لوقف إطلاق النار يمكن حينها استئناف المحادثات في جنيف".
أشتون كارتر
وقال وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر إن ديبلوماسيين أميركيين يحاولون إقناع روسيا باتخاذ خطوات نحو الاتفاق على وقف حقيقي لإطلاق النار في سورية ودفع دمشق باتجاه التحول السياسي لكن الأنباء الواردة من سورية "غير مشجعة". وقال أمام طلاب في جامعة "أوكسفورد": "الخيار لروسيا والعواقب هي التي ستتحمل مسؤوليتها."
أردوغان
من جهته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده مستعدة لقبول اقتراح واشنطن حول إجراء عملية مشتركة لتحرير الرقة السورية من أيدي تنظيم "داعش".
ونقلت صحيفة "حرييت" عن أردوغان قوله: "قال لي الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه يريد أن يتعاون معنا بشأن الرقة، ونحن قلنا إنه لا مانع من جانبنا، واقترحنا عقد لقاء بين العسكريين لبحث هذا الموضوع وكيف يمكننا أن نفعل ذلك".
موسكو
من جهة ثانية، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها البالغ من توغل القوات التركية وفصائل "المعارضة" في عمق الأراضي السورية.
وأوضحت في بيان أن هذه العمليات العسكرية تجري بلا تنسيق مع السلطات السورية الشرعية ومن دون تفويض من مجلس الأمن الدولي.
إيران وفرنسا
من جهة ثانية، قال رئیس "مرکز الابحاث الاستراتیجیة" في مجمع تشخیص مصلحة النظام في ايران علي أکبر ولایتي إن بلاده سعت مع فرنسا إلی إیجاد صیغ موحدة لمكافحة الإرهاب ووضع حد للحروب المدمرة في المنطقة.
وقال خلال استقباله رئیس "الجمعیة الوطنیة الفرنسیة" کلود بارتولون في طهران، "نأمل بأن نتمكن من انهاء الارهاب في منطقة غرب آسیا من خلال تضافر الجهود بیننا وبینكم وسائر الدول المناهضة للارهاب".