أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري مجددا جاهزية الحكومة السورية للمشاركة الفعالة في أي جهد صادق يهدف للوصول إلى حل سياسي يقرر فيه السوريون وحدهم مستقبلهم وخياراتهم عبر الحوار السوري السوري وبقيادة سورية ودون تدخل خارجي وبما يضمن سيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها وهو الأمر الذي أكدت عليه كل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية.
وقال الجعفري في بيان خلال جلسة مجلس الأمن: "إن الحكومة السورية منفتحة على أي مبادرات أو جهود صادقة لمساعدتها على الخروج من الأزمة الحالية ولذلك فقد أبدت انطلاقا من مسؤولياتها الوطنية وحفاظا على مصالح شعبها تعاونا والتزاما كبيرين مع جهود الأمم المتحدة بدءا بمهمة كوفي عنان ومرورا بمهمة الأخضر الإبراهيمي ووصولا إلى مهمة ستافان دي ميستورا".
وأوضح الجعفري أن اجتماع مجلس الأمن الذي انعقد يوم أمس شهد خطوة مهمة في مجال مكافحة الإرهاب من خلال اعتماده القرار "2254" وها نحن اليوم نشهد اجتماعا آخر على المستوى الوزاري يتعلق بسورية مضيفا "ما أريده في هذا المجلس بالذات هو أن تتم قراءة الوضع في سورية بطريقة موضوعية وصحيحة بدلا من اعتماد مواقف تؤدي إلى تصعيد الأزمة وإطالة أمدها وزيادة انتشار الفوضى والإرهاب وابتزاز الحكومة والشعب في سورية وتكرار الوصفات الفاشلة التي تسببت في تدمير وتخريب أكثر من بلد".
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الحكومة السورية تريد أن تكون مكافحة الإرهاب مبنية على القانون والمبادئ وليس بداعي الخوف أوكمجرد رد فعل على ما يحدث هنا وهناك خارج سورية من أعمال إرهابية.
وقال الجعفري: "إننا لاحظنا مع بالغ الأسف أن بعض الدول تؤكد على سيادة سورية في قرارات مجلس الأمن لكنها تنتهكها على أرض الواقع من خلال دعم المجموعات الارهابية وإرسال الطائرات الحربية لقصف منشآتها النفطية والاقتصادية وبناها التحتية وفرض التدابير القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري".
وأكد الجعفرى أن نجاح أي مسار سياسي في سورية يتطلب انخراط الحكومة السورية فيه كشريك أساسي كونها معنية قبل غيرها بهذا المسار وبالتالي لا بد من التنسيق والتعاون مع الحكومة السورية حول مختلف الجوانب المتعلقة بهذا المسار إذا ما أردنا له النجاح مشددا على أن نجاح هذا المسار يتطلب التزاما دوليا وارادة سياسية حقيقية لدى الجميع ولا سيما الدول التي لديها تأثير مباشر على الأطراف التي تعيق المسار السياسي وتلك الدول التي تمد المجموعات الإرهابية بإكسير الحياة.
وأضاف الجعفري إن "اللافت في هذا الصدد أنه في حين يؤكد العالم بأسره بأنه ما من حل إلا الحل السياسي في سورية هناك من لا يزال يهدد علنا بخفة وبعيدا عن أي مساءلة بأنه سيلجأ إلى ما يسميه الحل العسكري ويطلق على مغامراته الفاشلة أسماء دونكيشوتية مثل العواصف والبراكين والأعاصير".
وأوضح الجعفري أنه بات أمرا مفروغا منه أن نجاح المسار السياسي في سورية يتطلب محاربة الإرهاب بشكل جماعي وفعال وجدي وقال: "في هذا الصدد ترحب سورية باعتماد مجلس الأمن للقرار رقم 2254 وتقدر عاليا مبادرة الاتحاد الروسي الصديق وجهوده الصادقة في تقديم هذا القرار المهم للغاية الذي عزز واستكمل وأضاف جوانب مهمة لم يتم التركيز عليها بالشكل المطلوب في قرارات المجلس السابقة الخاصة بمكافحة الارهاب وذلك لجهة فرض التزامات واضحة وقوية على حكومات الدول الراعية للارهاب فى سورية وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ القرارات 2170 و2178 و2199.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إن القرار 2254 قد لبى الكثير من المشاغل التى دأب وفد الجمهورية العربية السورية على إثارتها على مدى السنوات الماضية وعليه فقد انضمت سورية إلى قائمة الدول المتبنية له ونأمل أن يشكل نقطة تحول فى ردم الهوة بين النص والتطبيق وأساسا لبناء تحالف دولى حقيقى لمكافحة الارهاب.
وأضاف الجعفري: "لا نريد تحالفات وهمية شكلية يقودها داعمو الارهاب لاجهاض مضمون قرارات مكافحة الارهاب ولا نريد تحالفات انتقائية تنتهك سيادة الدول أو تحالفات تقسيمية تخدم مشاريع "داعش" و"القاعدة" التي تروج للفكر التكفيري".
وتابع الجعفري: "ندرك بأن إعادة الأمن والاستقرار في مختلف أنحاء سورية تتطلب فى مقدمة ما تتطلبه أن يتم التعامل فورا مع الخطر الذي يشكله الإرهاب في إطار الشرعية الدولية والتعامل أيضا مع المعطيات على أرض الواقع وذلك بطريقة عملية وعليه فإن الحكومة السورية مستعدة لوقف الاشتباكات في المناطق التي يتواجد فيها المسلحون السوريون وذلك بهدف تحقيق المصالحة الوطنية بما يضمن عودة الحياة الطبيعية ومؤسسات الدولة والخدمات العامة إلى تلك المناطق وبحيث يقوم المسلحون بالتخلي عن السلاح في مقابل تسوية أوضاعهم والعفو عنهم".
وقال الجعفري: "لدينا العديد من التجارب الناجحة في هذا الصدد كما أن هناك تجارب أخرى يتم انجازها حاليا ولذلك فإن الحكومة السورية تسعى إلى التوسع في إجراء هذه المصالحات لإعادة الأمن والاستقرار.. أما المجموعات الإرهابية والمرتزقة الأجانب مثل "داعش" و"جبهة النصرة" والمجموعات الإرهابية المماثلة فإن الحكومة السورية لا تتحاور معها وستستمر فى محاربتها حتى القضاء عليها".
وأكد الجعفري أن كل السوريين الشرفاء مدعوون إلى المشاركة في العملية السياسية على أسس وطنية للمضى قدما في تطوير وبناء سورية وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعها داعيا السوريين جميعا إلى أن يضعوا نصب أعينهم حقيقة أن الحل لا يمكن أن يكون إلا سورياً وعبر عملية سياسية جامعة تلبي تطلعات الشعب السوري المشروعة عبر الحوار الوطني الذي يضم الجميع تحت سقف الوطن وصولا إلى إقامة دولة علمانية تعددية يتساوى فيها الجميع أمام حكم القانون .. دولة تتوفر فيها الفرص دون تمييز ويختار فيها الشعب السوري وحده قيادته بشكل حر ونزيه وشفاف ودون أى تدخل خارجي.
وقال الجعفري: "استوقفتني مفارقة مهمة فى بيانات بعض المتحدثين اليوم وهي أنهم أكدوا من جهة على أن الشعب السوري هو وحده من يقرر مستقبله بنفسه دون تدخل خارجي إلا أنهم تدخلوا في قضايا سيادية تتعلق بمقام الرئاسة في سورية وهو أمر يخص الشعب السوري وحده كما ورد في الفقرة العاملة الاولى من قرار اليوم والتي تنص على أن الشعب السورى هو من سيقرر مستقبل سورية".
وأضاف الجعفري أن هذا النمط من المساس تحت قبة مجلس الأمن بأحد أركان السيادة فى سورية إنما يفضح النوايا الحقيقية لسياسات بلاد أولئك المتحدثين الذين خرجوا عن أحكام القرار قبل أن يجف الحبر الذى كتب هذا القرار به وهو قرار وافقوا عليه للتو وبدؤوا بتفسير أحكامه على هواهم فهذا السلوك لا يبشر بالخير ولا يشجع على الثقة بما نراه ونسمعه.
الاعلام تايم