تملأ الحكومات الغربية آذانها قطناً وطيناً، ولعلها لو أصاخت السمع إلى أصوات داخلية ستلقى الحقيقة التي تحاول طمسها والالتفاف حولها، وتدير تلك الحكومات ظهرها عادة لفشل وقعت فيه، كما فعلت في سورية مثلاً، إذ بعد مرور عقد من الزمن على محاولة الدول الغربية إسقاط الدولة السورية؛ لا تزال حكوماتها تتجاهل الوقائع على الأرض التي تشير بوضوح -بحسب مقال لنامان كارل في مجلة ذا ناشونال إنترست الأمريكية- إلى أنّ الدولة السورية قد انتصرت.
كارل قال إنّ بعض الدول الخليجية كالإمارات العربية المتحدة والبحرين تراجعت عن السياسة التي وصفها بالفاشلة التي تبنتها على مدى عدة سنوات وأعادت فتح سفاراتها في دمشق مع رحلات جوية مباشرة.
وتبدو دول أوروبية عدة راغبة في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية، فاليونان عيّنت مبعوثاً خاصاً إلى سورية في أيار 2020، وبعد عام من ذلك، بدأت قبرص بإجراءات افتتاح سفارتها في دمشق، وفي الوقت نفسه، فإنّ جمهورية تشيكيا لم تسحب سفيرها مطلقاً من دمشق، كما أظهرت المجر وبولندا والنمسا رغبةً بتبني سياسة جديدة، لكنْ من دون القفز إلى "التطبيع الكامل"، كما يبدو التمسك بشبح "المعتدلين" الذين سيحلون محلّ الحكومة السورية القائمة لا يعبّر فقط عن سذاجة، وإنّما يحوْل دون المشاركة الفعّالة للدول الأوروبية في إعادة الإعمار، خاصةً أنّه لا توجد في الوقت الحاضر مجموعة من المعارضة تشكل تهديداً للدولة السورية.
ورأى كارل أنّه من أجل إعادة فتح السفارات الأوروبية في دمشق، ستكون الحكومات الأوروبية بحاجة إلى شجاعة لتحمّل الانتقادات التي ستصدر عن واشنطن، لكنْ من الأفضل تلقي الانتقاد الأمريكي القاسي بضعة أيام على تكرار عَقد من الفشل الدامي.