نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية تفاصيل دراسة إستخباراتية إسرائيلية، جاء فيه أن الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات، بدأ توجهه نحو السلام مع إسرائيل منذ اللحظة الأولى لوصوله الى رئاسة مصر في العام 1970، لكن اسرائيل تجاهلت في حينه هذا التوجه.
وبحسب البحث الذي اعده الجنرال رون كتري، وكُشف عنه بمناسبة مرور اربعين سنة على حرب تشرين الاول 1973، فقد أوضح حاييم شيمش، الرئيس الاسبق لاحدى الدوائر التابعة للإستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" والمختص بالشرق الأوسط، ان السادات بدأ سياسته تجاه إسرائيل باقتراح مبادرة سياسية تقود إلى السلام.
وذكر البحث أيضاً، ان السادات تحدث في الرابع من شباط عام 1971 امام مجلس الشعب المصري عن مبادرة سياسية لتسوية جزئية في منطقة قناة السويس أو سيناء، تترافق مع انسحاب إسرائيلي. وجاء في البند الرابع من المبادرة، أنها خطوة مقابل خطوة تمهيداً للحل الشامل.
واضاف شيمش، أن السادات استنتج في تشرين الأول من العام 1971 ان العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود، وان الطريق الوحيدة لكسر الجمود هو المبادرة العسكرية. لكن شعبة الإستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي كانت ترى بالسادات شخصية سلبية جداً، وشخص رمادي، ستقوم النخبة العسكرية في بلاده بخلعه من منصبه، أو جعله لعبة في يدها.
ويتابع البخث، ان رئيس شعبة الإستخبارات آنذاك، أهارون ياريف، اعتقد ان ملف السادات بحاجة لمستشرق إسرائيلي يتقن عمله، وصاحب باع طويل في التاريخ، لدراسة شخصية السادات، فوقع الاختيار على احد ضباط الإحتياط، الذي خدم في الإستخبارات العسكرية، هو البروفيسور شمعون شامير، للقيام بهذه المهمة، وهو الذي تم تعيينه لاحقا سفيرا لاسرائيل في مصر، بعد التوقيع على معاهدة كامب ديفد.
وقال البحث، ان شامير قام بإعداد تقرير من 11 عشر صفحة حول شخصية السادات، جاء فيه ان السادات شخص ضعيف، وليس أكثر من ساعي بريد في وظيفته السياسية، وأن ثقافته متدنية جداً، وصاحب افق ضيق، وتنقصه الرؤية السياسية المستقلة، وسياسي رمادي لا لون واضح له، كما ان سمعته في اوساط الجمهور المصري، سيئة للغاية.
ومما جاء في تقرير شامير، ان السادات كان انتهازيا، بدون مبادئ، وديماغوجي ومتلون ومنافق، ولا يفتقر للقدرة التي تمكنه من إدارة السياسة المصرية، وانه كان مجرد زر في بدلة الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر.
وبحسب تقرير شامير فقد كان المصريون يصفون السادات في النكات الشعبية المصرية بأنه يقول نعم بمنهتى البلاهة. وان العميل أشرف مروان، كان الشخص الذي ساعد المخابرات الإسرائيلية في فهم شخصية السادات، حيث وصف مروان السادات، بأنه يخاف من الرجال، ويستغل وينتهز المناسبات لاتخاذ قرارات صعبة.
لكن البحث يشدد على ان مبادرة السادات في العام 1971 للسلام مع إسرائيل، كانت بمثابة اختراق كبير للسياسة العربية، ولكن الموساد طلب بعد مرور سنة من الإستخبارات العسكرية اعادة دراسة شخصية السادات، فأعد الموساد تقريرا أكد فيه ما جاء في تقرير شامير.
إلى ذلك، قال الأخصائي النفسي الرئيسي في الإستخبارات العسكرية الاسرائيلية، أفنير شاليف، ان من بين الأسباب الرئيسية لفشل اسرائيل في حرب تشرين الأول 1973 وعدم قدرة الإستخبارات الاسرائيلية على معرفة نوايا مصر وسورية بالهجوم على إسرائيل، كان ان التقرير الذي تم إعداده عن شخصية السادات، كان خاطئاً، لاعتباره السادات رجلاً رمادياً.
واشارت الصحيفة إلى ان كتاً جديدًا أصدره مؤخرا البروفيسور في العلوم السياسية أرييه ناؤور، أكد ان مصر لم تكن معنية خلال الفترة من 1867 وحتى 1973، بأي شكل من الأشكال بتوقيع اتفاقية سلام مع اسرائيل، كما رفضت جميع المحاولات الدولية التي كان الهدف منها التفاوض مع إسرائيل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.