الإعلام تايم- الديار
لا نسخر حين نقارن بين دونالد ترامب والليدي غاغا. على الأقل نجمة الاستعراض تلجأ أحياناً، في تغريداتها، الى نصوص من الكتاب المقدس، أو الى مقتطفات من خطب مارتن لوثر كينغ، أو الى مقاطع من أغنيات فرانك سيناترا أو ايللا فيتزجرالد....
الرئيس الأميركي يغرد أم يرقص عارياً على صفحات التواصل الاجتماعي؟ غياب مطبق للرؤية الاستراتيجية، وتعليقات (ومواقف متناقضة). منتصف الليل يطلق موقفاً صارخاً ضد قطر يكاد الناس هناك أن ينزلوا الى الملاجئ. وفجأة يتصل بالشيخ تميم ليبلغه أنه وقّع، منذ لحظات قراراً ببيع الدوحة طائرات هليكوبتر عسكرية، مثنياً على الدور القطري "العقلاني" في مقاربة الصراع داخل مجلس التعاون الخليجي..
ترامب مرهق جداً، إن لوزير الخارجية ريكس تيلرسون، أو لوزير الدفاع جيمس ماتيس، أو لمستشار الامن القومي هربرت ماكماستر. الثلاثة يحاولون، بشتى الوسائل، تصحيح المواقف لأن ما يفعله ترامب يضرب السياق الفلسفي للسياسة الأميركية في المنطقة...
في الأروقة الخلفية الخليجية أن سفيراً أميركياً بعث الى وزارة الخارجية في واشنطن تقريراً جاء فيه أن أكثر من نصف سكان دول الخليج (الخمس) يقفون الى جانب قطر إن في علاقاتها، أو في سياساتها، أو في تصديها لـ "الهيمنة" السعودية على القرار الخليجي...
هؤلاء، أو بعضهم على الأقل، يدركون أن ترامب الذي يفتقد الحد الأدنى من الاخلاقية السياسية، كما يتأرجح بين النرجسية والبارانويا، إنما يعتمد فلسفة الاستنزاف المنهجي للثروات الخليجية، في حين أن المنطق يفترض إبدال الصراع مع ايران بالتفاهم أو حتى بالتعاون لتخطي المسار التراجيدي (القاتل) للإقليم...
على كل، هناك من يعتقد في بعض عواصم الخليج، وصولاً الى موسكو وربما الى واشنطن، أن الأزمة السعودية - القطرية التي انعكست حتماً، توتراً غير معلن بين الرياض وأنقرة، لابد أن تؤدي الى تغيير دراماتيكي في المسار العسكري، كما السياسي، للملف السوري...
لا بل إن تعليقات تصدر في عواصم اوروبية، ومنها باريس، أن واشنطن وموسكو تقتربان من يالطا 2 من أجل صياغة قواعد للنظام العالمي الجديد لا بد أن تنسحب على قواعد النظام الإقليمي في الشرق الاوسط...
مبدئياً يخرج الأطراف الآخرون، وعلى رأسهم الطرف العربي، من اللعبة...
في موسكو يقال أن السعوديين الذين باتوا بحاجة ماسة الى التأييد المصري (لاحظوا كيف انقلبت الصورة لمصلحة القاهرة) قد يصغون الى رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي، والجيش المصري تحديداً، للتسوية في سورية...
السيسي يعتقد أن سورية لا يمكن، ولو انقلبت الدنيا، أن تصبح ايرانية، لكنها يمكن أن تصبح تركية، ودون أن يبقى سراً ما فعلته القاهرة ديبلوماسياً حين قرر رجب طيب اردوغان منح الجنسية التركية لـ 3 ملايين سوري لاجئين في بلاده أو يقيمون في المناطق المتاخمة...
ماذا يمكن أن يحدث للـ"معارضة السورية"، "المعارضة العسكرية"، حين يتوقف الطوفان المالي الذي فتك سياسياً وأخلاقياً بتلك المعارضة وقد تحولت الى عصابات من المرتزقة، ودون إغفال المأزق الذي يواجهه الآلاف من الأجانب الذين تم استجلابهم بالدور التركي وبالمال العربي، وهم يبدون الآن وقد تقطعت بهم السبل...
هذا لا يعني أن الأمور على ما يرام. اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة مستنفر، ودونالد ترامب مقتنع بإقامة محور مصري - سعودي - اسرائيلي يمسك بخيوط المنطقة، وبطبيعة الحال تحت مظلة اميركية....
الصراع السعودي - القطري أماط اللثام عن الكثير. انتظروا الأكثر....