صحف- الإعلام
كشفت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية أن واشنطن وحلفاءها ركزوا اهتمامهم في الأشهر الأخيرة على ما يسمى بـ "الجبهة الجنوبية" في سورية وأطلقوا مبادرة جديدة تشمل تقديم المزيد من الأموال النقدية والتدريبات إلى ما تبقى من مسلحي ما يسمى " الحر" المتمركزين في جنوب سورية بعد أن أصبح شمال الأردن مركزاً لانطلاق العمليات والتحضير لها.
وقالت الصحيفة في مقال بقلم مراسليها نبيه بولوس وباتريك مكدونال إن "الجبهة الجنوبية في سورية أصبحت في الأشهر الأخيرة محط تركيز مبادرة مدعومة من قبل الولايات المتحدة تهدف إلى تعزيز قوات المعارضة المتعثرة التي تخسر معركتها على الأرض".
وأوضحت الصحيفة أن "واشنطن والحكومات الأجنبية الحليفة لها تركز وبشكل متزايد على مساعدة المسلحين المتمركزين في جنوب سورية"، مشيرةً إلى أن المجموعات المسلحة المتبقية في جنوب سورية حصلت في شباط/ فبراير الماضي على أموال نقدية لدعمها وكسب ولائها.
وتابعت الصحيفة "إن المسؤولين الأمريكيين وحلفاءهم في دول الخليج وبالأخص السعودية والإمارات اعادوا ضبط نهجهم فيما رأى كثيرون أنه بمثابة الفرصة الاخيرة لتغيير مسار الأحداث في سورية والتي بدأت تميل بشدة لصالح الدولة السورية لكن مثل هذه الاستراتيجية يمكن ان تكون متاخرة كثيرا فالاشتباكات بين المجموعات المسلحة بدأت تعيث الفساد في جنوب سورية كما حدث في شمال وشرق البلاد".
وفي اعتراف واضح وصريح للدعم المالي والعسكري الكبير الذي تتلقاه المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية من قبل الولايات المتحدة وحلفائها من مشيخات الخليج لفتت الصحيفة إلى أن قادة المجموعات المسلحة في جنوب سورية بدؤوا بتلقي الأموال المتدفقة اليهم وهم بانتظار دفعات كبيرة من الأسلحة وخاصة الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات التي يسعى المسلحون في شمال سورية منذ فترة طويلة للحصول عليها.
ووفقاً لأحد قادة المجموعات الإرهابية مما يسمى "الجيش الحر" فإن "إمدادات الأسلحة وشيكة" وقد أشارت تقارير سابقة ومصادر خليجية مطلعة إلى أن السعودية الداعم الرئيسي للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية بدأت في تقديم صواريخ مضادة للطائرات للمسلحين منذ أشهر عدة كما كشفت تقارير أخرى عن موافقة السعودية في شباط الماضي على منح المسلحين صواريخ محمولة مضادة للطائرات.
ونقلت الصحيفة عن ضابط للدعم اللوجستي في إحدى مجموعات المسلحين في جنوب سورية قوله "لإن التحول تجاه الجنوب أصبح واضحاً في منتصف شباط الماضي عندما استدعى ممثلو الاستخبارات الأجنبية قادة من نحو خمسين فصيلا إلى مركز المخابرات وتم توجيههم للانضمام إلى جماعة معارضة جديدة اطلق عليها ببساطة اسم الجبهة الجنوبية".
وأضاف الضابط "إن قادة تلك الفصائل حصلوا على تعليمات بتوفير قوائم باسماء مقاتلين لاغراض المحاسبة وتلقى المسلحون بعد ذلك دفعات نقدية لتغطية الرواتب وقد احتفظت كل وحدة مشاركة بقائدها الخاص وحكمها الذاتي على ان يتم التنسيق بينهم جميعا في ساحة المعركة".
ووفقاً للضابط فإن "المعلومات المتعلقة بكل مسلح كتبت مرفقة بصور عن هوية لوائه وأصبح كل هذا منظما الآن" وارتفعت أجور المسلحين من 45 الى 70 دولارا شهريا بالاعتماد على خبرة المسلح ورتبته وعوامل أخرى.
وأوضحت الصحيفة أن "ما يسمى الجبهة الجنوبية لديها بيان مهمة خاص بها يفيد عن وجود 30 مسلحا تحت لوائها وقد كتب هذا البيان من قبل قادة المسلحين وهو مؤرخ بيوم 13 شباط ويماثل بكل صراحة نقاط ومواضيع المناقشة التي قدمتها وزارة الخارجية الأمريكية بشأن سورية".
وقالت الصحيفة إن "القوى الأجنبية تأمل في إعادة تنشيط ما تبقى من "مسلحي الحر" المدعوم من الولايات المتحدة كبديل للمتشددين المنتمين لمجموعات تابعة لتنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة والتي تعتبر منظمة ارهابية من قبل واشنطن وتسعى إلى فرض حكم متطرف".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الأموال النقدية التي وبحسب أحد قادة المجموعات المسلحة مما يسمى بالجيش الحر التي تقاتل عبر الحدود في جنوب سورية قدمت آليه من دولة رفض تسميتها وهي مبالغ جيدة وتمكنه من الاحتفاظ بمقاتليه".
وقالت الصحيفة إن "قادة المعارضة يرون هذه المبالغ النقدية الكبيرة التي تهدف لضمان ولاء المقاتلين على انها عنصر أساسي من حملة الجنوب".
وأضافت الصحيفة إن "مدينة إربد الأردنية التي تمثل نقطة عبور رئيسية لصناعة النسيج والمواد الغذائية سورية الصنع تحولت إلى مركز انطلاق للمسلحين".
وفي إشارة إلى اليأس الكبير الذي تتخبط به المجموعات الإرهابية المسلحة بعد فشلها في تحقيق أي تقدم على الارض رغم الدعم المادي واللوجستي والعسكري الذي تحصل عليه منذ سنوات من دول أجنبية وإقليمية كثيرة قال مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما الأمريكية "جوشوا لانديس" إن "جميع المسلحين يتطلعون إلى الجبهة الجنوبية التي كثر الحديث عنها من أجل سماع أخبار جيدة واستعادة الأمل".
وكشفت تقارير صحفية كثيرة أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي أيه" تعمل مع الأردن والسعودية على تدريب 10 آلاف شخص وتسليحهم بغية الانضمام إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في سورية وهي حقيقة اعترف بها قادة ما يسمى "بالمعارضة السورية" التي تحصل على دعم ورعاية الولايات المتحدة ومشيخات الخليج.
وتؤكد هذه التقارير التناقضات الصارخة في السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة بدعم الإرهابيين وتصميمها الثابت على رعايتهم رغم المخاوف الدولية الواسعة من انتشار المجموعات المتشددة والتابعة لتنظيم القاعدة وتجنيد مئات الأوروبيين والأجانب من أجل الانضمام إلى المجموعات الإرهابية في سورية والعودة بعد ذلك إلى بلادهم لشن هجمات إرهابية هناك أيضا.
وعلى خلفية الدعم الأمريكي للإرهاب والتخوف الأوروبي من التهديد الذي يشكله الإرهابيون والمتطرفون العائدون من القتال في سورية تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى أزمة حقيقية بسبب أسلوب تعامل إدارة باراك أوباما مع المجموعات الارهابية المسلحة فى سورية وتهاونها مع تدفق إرهابيي تنظيم القاعدة اليها وما يشكله ذلك من خطورة احتمال عودتهم الى بلدانهم لشن هجمات هناك.
ووفقاً لصحيفة وورلد تريبيون الأمريكية فإن دبلوماسيين في الاتحاد الأوروبى اشتكوا من تهاون الإدارة الاميركية في تدفق "المقاتلين" والأسلحة إلى المسلحين الإرهابيين المرتبطة بالقاعدة شمال سورية.