وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنها تهدف في الأساس إلى التضليل وتشتيت الانتباه على غرار فيلم هوليود الشهير "Wag the Dog"، الذي أُنتج عام 1997، وتدور قصته حول انخراط أحد السياسيين لاختلاق حرب وهمية مع ألبانيا، قبل الانتخابات الرئاسية التي يخوضها، بغرض صرف انتباه الناخبين عن فضيحة جنسية ارتكبها.
وأضافت الصحيفة بأن الرئيس التركي يلعب نفس الدور حيث يحاول جاهداً البقاء في السلطة بعد خسارة حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية الأغلبية الحاكمة في انتخابات حاسمة في يونيو (حزيران).
وقبل انتخابات أخرى جديدة مقررة في 1 نوفمبر (تشرين الأول)، شن الرئيس التركي حرباً على الانفصاليين الأكراد الشهر الماضي بعد سنوات من الهدنة، في محاولة واضحة لحشد الدعم للحكومة، وبالتالي إنقاذ طموحاته لاستمرار الحكم الاستبدادي وتوسيع دائرة صلاحيته بصورة كبيرة.
وأوضحت الصحيفة أن أردوغان أقدم في السنوات الأخيرة على خطوات نحو الاعتراف بحقوق الأقلية الكردية في تركيا وتحرك نحو إبرام سلام هش مع الانفصاليين الذين شنوا حرباً على الحكومة التركية لثلاث عقود قُتل فيها نحو 40 ألف شخص، معظمهم على أيدي قوات الأمن.
الحرب على الأكراد
كل تلك الخطوات الدبلوماسية عفا عليها الزمن الآن، تقول الصحيفة، بعد أن استأنفت الطائرات الحربية التركية تمشيط المواقع المستهدفة في شمال العراق حيث يتمركز الانفصاليين. واتخذت الحكومة من مقتل اثنين من ضباط الشرطة التركية ذريعةً لتجدد القتال. ولكن حتى لو كان المسلحون من حزب العمال الكردستاني، كما تزعم الحكومة، كان أردوغان يستطيع العثور على طرق أخرى للرد بدلاً من شن حرب شاملة.
وأكدت الصحيفة أن أردوغان اعتمد على الأكراد لفترة طويلة في مساعدته على تحقيق الأغلبية المطلقة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو (حزيران) وكان من شأنها أن تسمح له بتغيير الدستور وإعطاء صلاحيات أوسع للرئيس. يشكّل الأكراد 18 في المئة من السكان.
وبرغم تهميشهم لسنوات، فقد صوتوا لحزبه في الماضي. ولكن في يونيو (حزيران) الماضي، حوّل كثير من الأكراد، جنباً إلى جنب العلمانيين الأتراك، ولاءهم إلى حزب الشعب الديمقراطي المؤيد للأكراد الذي فاز بأصوات تكفي لحرمان حزب أردوغان من تحقيق أغلبية حاكمة.
كسب القوميين
وشدّدت الصحيفة على أن حرب أردوغان ضد الأكراد جاءت لكسب القوميين الأتراك الذين يعارضون حق تقرير المصير للأكراد. فهم قلقون جداً من تنامي قوة الانفصاليين، الذين أصبح ذراعهم العسكري في سوريا حليفاً فعالاً ومقرباً من الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش.
وعلى نطاق أوسع، يخشى أردوغان من أن طموح الأكراد، وهم مجموعة عرقية تمتد في إيران والعراق وسورية وتركيا، بحيث يندفعوا نحو إقامة دولة ذات سيادة، ويشجعهم في ذلك تحقيق القوات الكردية مكاسب ضد "داعش" وتأسيس إقليم كردستان المستقر نسبيا في العراق.
ولفتت الصحيفة إلى أن أردوغان وافق على السماح للقوات الأمريكية باستخدام القواعد العسكرية التركية لشن هجمات تستهدف معاقل تنظيم داعش، كما وافق أيضاً على الانضمام إلى التحالف الذي تقوده أمريكا في الحرب ضد "داعش"، ربما ليحصل على مباركة الغرب على مهمته الأساسية وهي قتال الانفصاليين الأكراد.
ودعت "نيويورك تايمز" في الختام أن تستخدم الإدارة الأمريكية نفوذها لوقف القتال العسكري بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني وحرمان أردوغان من أي ذريعة لاستمرار حملته العسكرية التي تعقّد الأمور على جبهة القتال مع داعش.
مركز الاعلام الالكتروني