كتب الإعلامي كمال خلف في صحيفة "رأي اليوم" الأردنية، مقال تحت عنوان "اسبوع على التدخل التركي الكرد هم الهدف والمنطقة العازلة حلم" جاء فيه:
قررت انقرة التدخل عسكرياً في شمال العراق ضد حزب العمال الكردستاني، وشمال سورية ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، التي طالما اتهمت انقره برعايته وغض العين عن تحركاته العسكرية على حدودها، وتسهيل عبور مقاتليه من أصقاع الارض إلى سورية، وهاقد مضى أسبوع على هذا التحرك التركي الذي اعتبره البعض انقلاباً في سياسية انقرة المتردده، استندت فيه انقرة إلى الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها داخل أراضيها، فانبرت إلى عقد مشاورات مع الولايات المتحدة اعطت بنتيجتها الحق للطائرات الامريكية في استخدام قاعدة انجرليك للإغارة على مواقع تواجد عناصر التنظيم داخل سورية، مقابل ما قالت تركيا أنها موافقة امريكية على فكرة انقرة إقامة مناطق آمنة داخل سورية ومنطقة حظر طيران في عمق 90 كليو متر داخل الاراضي السورية، وهو مطلب كررت واشنطن رفضه طوال السنوات الماضية من عمر الحرب الدائرة.
وأضاف خلف قائلاً " في نظرة فاحصة لاداء التدخل التركي خلال الأسبوع الماضي، نكتشف أن الاهتمام التركي انصب على ضرب حزب العمال الكردستاني، "حصيلة الغارات المتواصلة حتى الان، بلغت 260 قتيل من حزب العمال و400 جريح بينهم نور الدين ديمرطاش شقيق رئيس حزب الشعوب الديمقراطية الذي فاز مؤخراً في الانتخابات التشريعية التركية"، مقابل عدد محدود جداً من الغارات اقتصرت على اليوم الأول فقط من الأسبوع الماضي على مواقع التنظيم في سورية، وهذا يعطي انطباعاً بأن إعلان تركيا الحرب على التنظيم ليس إلا غطاء للهدف الحقيقي وهو الانقضاض على حزب العمال الكردستاني.
هذا الهدف الذي بات واضحاً وملموساً لأي مراقب للتدخل العسكري التركي ينطوي على الكثير من التداعيات، التي سوف تدفع انقرة الجزء الأكبر من أثمانها، وأول تلك التداعيات عودة التوتر إلى العلاقة مع بغداد بعد أن تحسنت فور وصول رئيس الورزاء الحالي حيدر العبادي، الحكومة العراقية اعترضت على الغارات داخل اراضيها واعتبرتها انتهاكاً لسيادتها واستدعت السفير التركي في بغداد وابلغته رسالة احتجاج شديدة، الخارجية التركية ردت عبر بيان اتهم الحكومة العراقية باستضافة عناصر تنظيم حزب العمال الكردستاني، وغض النظر عما سماه البيان "نشاطاتهم الإرهابية" ضد تركيا، معتبراً أن الحكومة العراقية لم تلتزم بكل التعهدات التي قطعتها لمحاربة هذا التنظيم، مضيفاً أنه "لا يمكن القبول بتصريحات لا تقترن بأفعال".
الحكومة التركية عولت في تحركها داخل الأراضي العراقية على أمرين أساسيين : الأول موافقة رئيس حكومة اقليم كردستان على الغارات شمال العراق وهو ما حاول البرزاني التنصل منه باصداره بياناً يعبر فيه عن استيائه من الغارات ثم الموقف المناقض له تماماً اليوم وهو مطالبته حزب العمال بمغادرة الاقليم، وهذا بحد ذاته يخلق لرئيس الاقليم مشاكل داخل اقليمه وعلى مستوى القضية الكردية خاصة أن مقاتلي حزب العمال قاتلوا جنباً إلى جنب مع البشمركة للدفاع عن الاقليم من هجمات "داعش".
والأمر الآخر الذي عولت عليه انقرة هو الدعم الامريكي لانقرة الذي يمكن أن يلجم الحكومة العراقية عن انتقاد الغارات، وحاجة حكومة بغداد للتنسيق والمساعدة التركية في حسم معارك كبرى ضد التنظيم في العراق خاصة معركة الموصل على الحدود التركية، لكن هذه المراهنات في طريقها إلى الفشل مع الإشارة إلى التقارب والتنسيق العراقي مع دمشق وهو ما سيمتد إلى تشكيل موقف موحد من التدخل التركي في كلا البلدين، والمحصلة المزيد من المشاكل لتركيا
وعن إعلان تركيا بأخذها الضوء الأخضر لإقامة منطقة عازلة في سورية كتب خلف " إن الإعلان يحتاج إلى التدقيق أيضاً، من وجهة نظرنا تنفيذ هذا المشروع الحلم لتركيا ليس ممكناً على الإطلاق للأسباب التالية:
أولاً من سيملأ الفراغ في هذه المنطقة ومن هي الجهة العسكرية المؤهلة لإدارة تلك المناطق؟ هل الستين عنصر الذين تدربهم الولايات المتحدة أم جبهة النصرة المصنفة إرهابية في قائمة واشنطن والعالم.
ثانياً: آي تدخل عسكري تركي مباشر وخاصة التدخل البري سوف يكون في ميزان موسكو تمدداً للناتو وهذا يستلزم رد فعل روسي تتجنبه واشنطن وحلف الناتو معاً.
ثالثاً: أي محاولة من انقرة للدخول مباشرة وفرض ارادتها في الشمال السوري سوف يستدعي بالضرورة رداً ايرانياً، من سيمنع إيران من التدخل المباشر إذ اختلت المعادلة، وهذا ايضاً لا تريده واشنطن التي تقنع الآن الكونغرس باتفاقها التاريخي مع الجمهورية الإسلامية.
رابعاً والأهم: لم يتم حتى الآن داخل تركيا الاتفاق على تشكيل حكومة توافقية والأرجح أن البلاد ستذهب إلى انتخابات مبكرة وهذا يمنع الحكومة الحالية من اتخاذ خطوات مصيرية لمستقبل البلاد .
و يضيف الكاتب قائلاً "لا أريد ان أغفل رسالة واشنطن عبر المبعوث العراقي إلى دمشق والتي قيل فيها كلاماً عن الموقف الامريكي من خطط تركيا في الشمال وهذا متروك للمستقبل القريب الذي سوف يكشف الكثير من الاتصالات خارج الضوء، لهذه الأسباب وغيرها تكون المنطقة العازلة شمال سورية لا زالت في إطار الحلم التركي الذي لن يتحقق في المدى القريب.
وفي محصلة استنتاجاتنا نشير إلى أن حكومة العدالة والتنمية تراكم خطأ جديداً لسلسة من الأخطاء طوال أربع سنوات ونيف سوف ترتد عليها قريباً وسوف يدفع الحزب ثمنا لها، وسيدفعه في داخل تركيا حتماً.
مركز الإعلام الإلكتروني