الإعلام تايم
بقلم سامي كليب .... من يقرأ ما كتبته المعارضة السورية عن نفسها اليوم، ويشاهد نتائج زيارة وزير الخارجية السورية وليد المعلم الى موسكو، يسأل: هل قررت المعارضة دق المسمار الاخير في نعشها؟ وهل انتهت فعلا بسبب خلافاتها؟ أم انها عانت خذلان الدول الغربية وبعض الدول الاقليمية نفسها فقررت انتحارا جماعيا تاركة الشعب يواجهة الاقتتال والبرد والتشرد والمرض، بينما ادارة الرئيس بشار الأسد تقطف الثمار.
هذا ميشال كيلو مثلا أحد قدامى المعارضين السوريين والعضو البارز في الائتلاف الذي لم يعد من ائتلافه سوى الاسم يقول اليوم في صحيفة العربي الجديد بعيد مشاركته في اجتماع الائتلاف في تركيا : " لم يكن الذاهب إلى فندق رمادا بلازا في اسطنبول بحاجة إلى من يحدثه عن الانقسام في الائتلاف الوطني السوري، فهو يعلم أنه قديم ومتفاقم، وأن محاولات رأب صدوعه فشلت دوماً " ... جيد ، ولكن ألم يكن كيلو نفسه الشيوعي السابق الذي ارتمى في احضان السعودية والغرب وغيرهما مسؤولا هو الاخر عن هذه الحال؟
وهذا الكاتب المعارض المثقف حسين العودات يصرخ من داخل دمشق عبر صحيفة " السفير " : " نادراً ما تشرذمت معارضة في بلدان العالم كما هو حال تشرذم المعارضة السورية حالياً، فقد تأسست عشرات فصائل المعارضة السورية في الداخل والخارج، حتى أصبح بإمكان كل عشرة أشخاص، إذا أرادوا، أن يؤسسوا فصيلاً معارضاً، ويتحدثوا باسم الشعب والأمة، ويتوهموا أنهم يرسمون مستقبل البلاد ويحملون عبء تحررها" ...
وهذا فايز ساره عضو الهيئة السياسية في الائتلاف والناطق باسم رئيسه المختلف على رئاسته يقول في صحيفة " الشرق الاوسط " : لقد تسببت التطورات السابقة بارتباكات جديدة، زادت الارتباكات الأساسية في الائتلاف الوطني، ودفعت القوى والشخصيات المنخرطة فيه إلى تجاذبات، تسعى إلى حلول ومعالجات، لم تراعِ ضرورة الوحدة والتضامن والتكافل، فانطلقت في اتجاهين منفصلين، دخلا في مواجهات تأثرت بعوامل داخلية وخارجية" ... ممتاز. ولكن اليس ساره مسؤولا كبيرا في الائتلاف فلماذا يكتب وكأنه يتحدث عن تجمع ليس له فيه دور ؟
وقبلهم كتب الرئيس السابق للائتلاف الشيخ معاذ الخطيب بعد ان انتقد بشدة تجربة الائتلاف والمعارضة واستقال منه : " "أعترفُ أني ارتكبتُ خطأ سياسياً فيما مضى، وهو ظني أن هناك دولة ما ستنقذ بلدنا! ليس لأننا محرومون من الأصدقاء، بل لأن الأنظمة الكبرى في السياسات الدولية لديها فقط مصالح وخطوط حمراء، وهذا ما يهمها" ... عال ، ولكن هل يعتقد الخطيب فعلا ان موسكو ستتخلى عن حليفها الاستراتيجي الاسد كرمى لعيون ما بقي من المعارضة ؟ فهو يوحي بذلك .
ولو أضفنا الى كل ذلك الانشقاقات داخل الائتلاف والاتهامات المتبادلة، وانقسام الدول حوله، واعتبار عدد من الدول الداعمة للمعارضة سابقا مثل السعودية والامارات ومصر ان الاخوان المسلمين ارهابيون، يمكن للمرء ان يفهم المأساة التي يعيشها ما بقي من المعارضة السورية السياسية التي لم يعد لها اصلا اي قدرة على وقف القتال في شارع واحد ذلك ان المسلحين والتكفيريين والارهابيين يعتبرون بعض هذه المعارضة ايضا " كفرة وملحدين " ويجب قتلهم .
مقابل هذه الانقسامات، يأتي المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا الى دمشق باحثا عن حل مع القيادة السورية، ويستقبل الرئيس فلاديمير بوتين بترحاب كبير وزير الخارجية السورية وليد المعلم مؤكدا دعمه للاسد، ويتقاطر العالم على طهران بحثا عن عقود استثمارية بانتظار التوصل الى الاتفاق النووي ... أما حزب الله الحليف لسورية كما ايران وروسيا فقد بات هو الاخر مطلوبا كسد ضد الارهاب .
ان المأساة السورية تثبت مرة جديدة ان في العالم مصالح لا مباديء ولا اخلاق ، وان المعارضة السورية ( باستثناء البعض منها طبعا ) خذلت شعبها لأنها اعتقدت يوما ان مجدها سيكون في اسطمبول وباريس وواشنطن ودول عربية ليس فيها اصلا برلمان وان رحيل النظام بات قاب قوسين أو أدنى. وبدلا من رحيل النظام يبدو ان الغرب الاطلسي صار بحاجة للجيش السوري اكثر من أي وقت مضى لمواجهة داعش وأخواتها .
لا شك ان الانسان يشعر بالاسى، اولا لان اخطاء المعارضة ادت الى توسيع الشرخ واطالة عمر الازمة التي لا شك ان الدولة السورية تتحمل هي الاخرى جزءا لا بأس به منها، وثانيا لان دولة كسورية كانت بحاجة لمعارضة تساهم في تحسين الحياة الديمقراطية وتنشط الحياة السياسية وتدفع الحكومات الى الاصلاحات ....
قد لا يكون ذنب المعارضة وحدها، فالعالم كله كان يعتقد ان رحيل النظام بات قاب قوسين او ادنى ، وكانت اجتماعات " دول اصدقاء سورية " تجمع العالم السياسي والعسكري والمالي خلف رموز المعارضة ، فلماذا لم تعد تجتمع اليوم .؟
كل العالم كان يعمل على أساس ان النظام راحل وان سورية جديدة ستولد وتكون أكثر قربا من الغرب الاطلسي ، الا قلة كانت تعرف ان " الانهيار ليس قدرا " وان سورية دولة محورية وانها عرفت عبر التاريخ كيف تصد كل الرياح وتبقى محورية.
لعل سورية المفككة والجريحة والمدمرة بشرا وحجرا اليوم، تحتاج الى سنوات طويلة للخروج مما هي فيه ، لكن لعل المعارضة تقول في نفسها اليوم : " ان التاريخ يكرر نفسه... والسذاجة كذلك " . ولكن لحسن الحظ ان المعارضة السورية ليست محصورة بالائتلاف ، فلا يزال في سورية وخارجها معارضون حريصين على الوطن وشعبه .
مواقع http://www.mjhar.com/ar-sy/NewsView/230/83057.aspx?utm_source=dlvr.it&utm_medium=facebook