لعل الحرب المائية من أخطر الحروب وأشدها فتكاً، ومن لجأ إليها عبر التاريخ كان يعي تماماً آثارها، وسيطرت الأطماع المائية على عقول المحتلين حتى غدت سبباً خطيراً يهدد دولاً على حساب دولٍ أخرى.
ومن هنا تحضر قضية السدود التركية خصوصاً، حيث بنت تركيا خلال الأعوام الماضية -كما جاء في مقال لزين العابدين يوسف في موقع قناة العالم- ما يزيد على 585 سداً مائياً، وأمام هذا العدد الكبير من السدود، قد يرى أحدهم أن الأمر جيد، لكن ما هو غير جيد أن هذه الثروة المائية تأتي على حساب حق الجارتين سورية والعراق، خصوصاً وأنه قد وصل الأمر إلى تهديد حقيقي بالجفاف حيث تشير إحصائيات رسمية إلى أن 80% من الأراضي العراقية والسورية مهددة بكارثة إنسانية بسبب ممارسات تركيا المائية.
الكاتب قال:"تكشف لغة الأرقام حجم الكارثة حيث انخفض معدل إنتاج الكهرباء في سورية من نهر الفرات إلى الربع بسبب انخفاض مستوى المياه، كما انخفض الإيراد السنوي الطبيعي لنهر دجلة أكثر من 47%، وهذه الإحصائيات المرعبة نشرتها صحيفة الغارديان البريطانية مصحوبة بإحصائيات أكثر تفصيلاً لحجم الضرر الذي تسببه سدود تركيا لجيرانها."
وأضاف الكاتب: تعتمد سورية على نهر الفرات بنسبة تزيد على الـ 80 % سواء لمشروعاتها الكهربائية أو احتياجاتها المائية، وعمدت تركيا إلى تخفيض كمية المياه القادمة إليها عبر الفرات إلى أقل من الربع والنتيجة تهديد مائي حقيقي وانخفاض كبير في توليد الطاقة الكهربائية.
ورأى الكاتب أن الشهية التركية لبناء السدود لم تتوقف عند سورية والعراق بل تعدى الأمر لبناء سدود على نهر أراس الحدودي وهو ما دفع إيران لمعارضة هذه السدود وبات الملف على طاولة المباحثات بين البلدين.
وتابع الكاتب: أمام هذا المشهد والضرر البالغ الذي تسببه السدود التركية لدول الجوار العراق وسورية وإيران يبقى السؤال ما هي دوافع تركيا لبناء هذا العدد من السدود؟
ويمكن القول باختصار إن تركيا استغلت الحالة الأمنية والسياسية التي تعيشها العراق وسورية وتسعى للسيطرة على المياه بأكبر شكل ممكن من أجل الاستفادة منها واستخدام التهديد المائي كورقة سياسية ضاغطة مستقبلاً.