في عالم يضج بالحروب والعنصرية والتدخل في شؤون الدول، وفي وقت نحتاج إلى تغليب لغة السلام والتسامح يخرج الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ليصف أوروبا بأنها حديقة وبقية العالم بالغابة.
صحيفة الخليج الإماراتية علقت على وصف الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ذاك في أثناء افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الجديدة في مدينة بروج البلجيكية بأن لا يحق لأحد أن يصف أوروبا بـ"الحديقة" وبقية العالم بـ"الغابة" لأنه يعلم قبل غيره أن العنصرية بشكليها النازي والفاشي خرجت من أوروبا، وأن القارة العجوز شهدت حروب الثلاثين عاماً والمئة عام، وهي حروب التهمت الملايين من البشر، وأن الحربين العالميتين الأولى والثانية كان مصدرهما أوروبا. ولعل بوريل، وهو الإسباني، يعلم أيضاً أن العرب قدموا نماذج حضارية فريدة لبلاده تحديداً، لا تزال شواهدها ماثلة إلى اليوم.
وقالت الصحيفة: إن ما قاله بوريل يمثل إهانة للآخر، لأنه أراد أن يقول إن أهل "الغابة" وحوش "يمكن أن تغزو الحديقة الأوروبية"، داعياً إلى "بناء جدران عالية من حولها" لحمايتها... إذا لم يكن هذا الكلام عنصرياً بما يكفي، فماذا يكون؟ وإذا لم يكن هذا الكلام فيه شكل من أشكال ازدراء الآخرين فماذا يكون؟ أما أن يتبرأ من كلامه، وينفي أن تكون رسالته "عنصرية أو استعمارية"، فهذا لا يشفع له ولا يعطيه صك براءة، لأن مضمون كلامه واضح جداً، ولا تزيل عنه لطخة العنصرية كل مساحيق العالم.
وتابعت الصحيفة: يبدو أنها ليست "زلة لسان" أو "هفوة" غير مقصودة، هي تعبير عن "حالة فصام" يعيشها بوريل، ومهما يكن الدافع وراء هذا التوصيف ومهما كانت مبرراته، ومهما حاول بوريل التملص منه، إلا أنه يظل توصيفاً مرفوضاً ومكروهاً، وإذا كانت أوروبا "حديقة" كما يقول فإن العالم ليس "غابة"، بل هناك دول سادت وحكمت وسيطرت واستعبدت بما لديها من فائض قوة على دول فقيرة في شتى أرجاء المعمورة، ونهبت خيراتها ونقلتها إلى "الحديقة" الأوروبية وإلى غيرها من "الحدائق الغربية"، أي أن "أهل الغابة" هم ضحايا "أهل الحديقة" الأوروبية التي ينعم بها بوريل.