نافذة على الصحافة

الأطفال.. الضحية الأولى في غزة


لا يرى العدو الصهيوني ضحايا مجازره سوى آثار جانبية، فالفقه المرتبط بالحروب عنده يستخدم الغاية ليبرر وسيلة عدوانه، وبهذا تتجاوز كل حرب جديدة يقودها بنياته العدوانية التوسعية أرقام حرب سبقتها في الإجرام والقتل.

ولعل للحرب التي يشنها في قطاع غزة على أهلنا الفلسطينيين اعتبارات عدة أبرزها –بحسب مقال لزياد غصن في موقع الميادين- ضحاياها الكثر من الأطفال، ليس من حيث عدد الوفيات، إنما تبعاً لمؤشرات أساسية أخرى تتصدرها نسبة الأطفال الذين يقبعون في دائرة الخطر المهدد لحياتهم.

وقال غصن: هذه النسبة في قطاع غزة، وبخلاف جميع الحروب والنزاعات في العالم، تكاد تكون 100% تماماً، فجميع أطفال القطاع هم حالياً تحت خطر الموت أو الإصابة أو الجوع بلا أدنى استثناء، والبيانات الأممية تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي يقتل كل ربع ساعة طفلاً فلسطينياً من بين كل 100 طفل يعيشون في القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي، ومن المؤشرات الأخرى المهمة ما يتعلق بنسبة الأطفال من إجمالي أعداد الوفيات الناجمة عن الحرب، وهي في قطاع غزة نسبة كبيرة جداً تتجاوز 43%، فيما هي في باقي الحروب أقل من ذلك بكثير، الأمر الذي أسهم في تغيّر الموقف العالمي الشعبي من "إسرائيل" وسرديتها الكاذبة المخالفة للوقائع والأحداث، فضلاً عن الآثار الأخرى المتمثلة في النزوح المتكرر والجوع والأذى النفسي والإصابات وفقدان الأهل.

وأضاف الكاتب: صحيح أن أطفال غزة لم يكونوا قبل السابع من تشرين الأول الماضي بمنأى عن رصاص الاحتلال وممارساته، وتقديرات منظمة "اليونيسف" كانت تشير قبل الحرب الحالية إلى وجود نحو 500 ألف طفل في القطاع يحتاجون إلى خدمات الصحة والدعم النفسي، كما أن عمليات التوثيق السنوية تظهر عدداً لا بأس به من الشهداء الأطفال سنوياً، ومع استمرار العدوان وتواتر تفاصيل المجازر المروعة المرتكبة يومياً، بدأ يتكشف للعالم أكثر فأكثر عمق المأساة التي يعيشها أطفال القطاع، وعلى لسان المسؤوليين الأمميين أنفسهم، الذين خرج بعضهم مؤخراً إلى الإعلام ليتحدثوا عن 1.1 مليون طفل مهددين بسوء التغذية والأمراض، وهم كذلك بحاجة إلى دعم نفسي، كما أن هناك ما يزيد على 17 ألف طفل انفصلوا عن أسرهم وأهلهم، ونحو 20 ألف طفل ولدوا في ظل ظروف صحية وإنسانية صعبة للغاية ومهددة لحياتهم وحياة أمهاتهم من جراء غياب أدنى متطلبات الرعاية الصحية والتغذية المناسبة، فضلاً عن آلاف الحالات التي تحتاج إلى رعاية صحية عالية المستوى لا تتوفر في مستشفيات القطاع المدمر.

وتابع الكاتب: إن توقف العدوان لا يعني زوال الخطر عن أطفال القطاع بالنظر إلى حجم الاحتياجات الهائلة المطلوبة على مختلف الصعد والمستويات، والتي يبدو أنه لن يتوفر منها سوى القليل بفعل ضآلة التمويل الدولي الإغاثي وتعثّر عملية إعادة إعمار القطاع، كما هي حال الحروب السابقة التي تعرض لها. وبذلك، تكون الخلاصة أن العدوان الحالي سيترك "ندبة" عميقة على جسد طفولة القطاع لن تزول بسهولة.

وختم الكاتب: كل هذه الأرقام الصادمة للرأي العام وغير المسبوقة في أي حرب لا تكاد تذكر في مقابل القصص الحزينة لأطفال القطاع، وإن عجز المجتمع الدولي عن مساعدة أطفال غزة سيظل وصمة عار على جبين هذه الدول والمنظمات ولعنة تلاحقها من جيل إلى جيل، وهو بالتأكيد ليس أقل من وصمة العار الإسرائيلية... فالقاتل والصامت عن القتل في كفة واحدة. 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=97182