العالم العربي

العراق في قرن: مقص "سايكس- بيكو" والخناجر المسمومة


الإعلام تايم

قال الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في المركز الدولي للجيوبوليتيك في باريس مقابل عدم تبلور صورة المشهد الإقليمي ومصير وحدة الكيانات في مستقبل منظور، نلحظ استمرار تحطيم الدول المركزية، استناداً إلى مخاطر امتداد النزاع السني- الشيعي في المشرق.

وفي ضوء حدثين مهمين حصلا في تاريخ العراق بفاصل زمني يقرب من 86 سنة، تساءل الكاتب أبو دياب هل تغير واشنطن وجه الشرق الأوسط بدءاً من بلاد ما بين النهرين، وهل ينجح توجهها وتحالفاتها الجديدة على محك تعقيدات المشهد العراقي والتجاذب الإقليمي.

 وأضاف "ظن البعض أن الأمور استقرت وذهب الشعب العراقي إلى صناديق الاقتراع وانتهى عصر الاستبداد، لكن الأرض كانت حبلى بعوامل التفجّر، وكانت مقاومة الاحتلال، مختلطة مع استغلال إقليمي لذلك من أجل منع إعادة بناء الدولة أو لابتزاز الجانب الأميركي وعقد الصفقات معه" .

ففي أذار 1917 دخل السير ستانلي مود قائد الحملة العسكرية البريطانية بغداد وطرد العثمانيين من العاصمة السابقة للخلافة العباسية، وفتح الباب أمام تطبيق اتفاقية سايكس- بيكو المبرمة عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا، وفي نيسان 2003 دخل الجنرال تومي فرانكس بغداد على رأس القوات الأميركية.

ويرى الكاتب أن حرب العراق كانت بداية نهاية حقبة الأحادية الأميركية، تماما كما كان مصير مشروع نابليون عند دخوله روسيا..فالأمريكيون لم يكلفوا أنفسهم عناء قراءة تاريخ العراق منذ بابل إلى حقبة نشأة الإسلام، وربما لم يتأملوا الموقع المركزي لهذا البلد الغني بكل أنواع الطاقة، والذي يشكل خط تماس سني- شيعي، وخط تماس بين العالم العربي وكل من العالمين التركي والفارسي، ماشكل ركيزة أساسية لفكرة الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير الديمقراطي على ضوء انهيار النظام الإقليمي العربي بعد سقوط بغداد وصعود القوى الإقليمية غير العربية أي الكيان الصهيوني وتركيا، وتزامن ذلك مع تأجيج الصراع السني الشيعي على الأرض العربية وبدماء العرب وبيوتهم ودولهم.

وأشار الكاتب أنه لا يمكن اختصار ما حصل من الرمادي إلى الموصل بصراع بين الحكم العراقي والإرهاب، والأدق أن الصراع متعدد الأشكال له بعد داخلي وديني، كما له بعد إقليمي، وكأن الرد على مقص سايكس- بيكو يكون بسل الخناجر لمزيد التفتيت وانهيار الدول المركزية لصالح مشاريع فوق قومية أو وهمية، بغياب مشروع عربي نهضوي يضع حداً للصراعات المزمنة العبثية، ويمهد لقيام أنظمة حكم متفاهمة مع مجتمعاتها.

كما أشار الكاتب إلى تصريحات المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية مايكل هايدن في المؤتمر السنوي السابع حول الإرهاب الذي نظمه معهد جيمس تاون، في 12 كانون الأول/ديسمبر 2013، إذ توقع "نهاية سايكس بيكو وتفتت دول وجدت بشكل اصطناعي في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى". وأضاف "أخشى بقوة تفتت الدول. هذا الأمر سوف يؤدي إلى ولادة منطقة جديدة دون حوكمة على تقاطع الحضارات".

وأوضح أبو دياب ليس بالضرورة أن يكرر التاريخ نفسه في المشرق أو أن نشهد "سايكس- بيكو" جديدة، نتيجة عدم حسم الأمور في التعددية القطبية عالمياً واحتدام التنافس الإقليمي، وهذا يحد من إمكانية التغيير الجذري أو عقد الصفقات في ظل الصراع المفتوح متعدد الأطراف. هكذا تصبح أي فكرة لإعادة تركيب الإقليم وتغيير خارطة الدول أو تقسيمها، دعوة من أجل اندثار الكيانات وتفكك المجتمعات بما يخدم مصالح أطراف إقليمية غير عربية، ويسهل لعبة الأمم الخارجية في منطقة تتميز بموقعها الجيوسياسي وبثرواتها الهائلة.

صحيفة العرب

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=31&id=9532