نافذة على الصحافة

السياسة في الشرق الأوسط بعد خطوة دمشق والرياض


صفحات جديدة تكتب في تاريخ العلاقات العربية، أهمها حين حطت طائرة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في دمشق في زيارة لم تكن عادية، بل هي زيارة تاريخية قد تغير -كما رأى الكاتب الفلسطيني د. حامد أبو العز في مقال نشرته صحيفة رأي اليوم- المشهد السياسي والتحالفات السياسية في منطقة الشرق الأوسط وإلى الأبد، ورأى أيضاً أن هذه الزيارة جاءت لترتيب دعوة الرئيس الأسد لزيارة الرياض في الأيام القادمة، وأثارت العديد من التساؤلات والتحليلات حول الأسباب التي دفعت السعودية لتطبيع العلاقة مع دمشق ومستقبل المنطقة في ظل هذه التفاهمات الجديدة.

 

وقال الكاتب: بعد أعوام من القطيعة، توصلت الدول العربية إلى ضرورة تصفير المشكلات في المنطقة للتفرغ لمرحلة ما بعد النفط وللتفرغ إلى التنافس على المستوى الاقتصادي ولذلك جاءت المصالحة السعودية الإيرانية لتفتح الباب أمام هدنة مستدامة مع اليمن ومن ثم انعكست هذه المصالحة على سورية بحيث سعت السعودية وبعض الدول العربية لإعادة سورية إلى الجامعة العربية ومن ثم العمل على تطبيع العلاقات معها بشكل كامل، والدليل الرئيس الذي نراه في تطبيع العلاقات هذا هو تهدئة المنطقة وإبعادها عن سباق التسلح. فالواقعية السياسية فرضت على السعودية فهم أنّ 12 سنة من القطيعة لم تساهم بتغير أي شيء على الأرض وبأن إقامة علاقات مع دمشق مهم لاستقرار المنطقة والدفع نحو معادلة الاقتصاد بدلاً عن معادلة الحرب، وهذا نفس الموضوع الذي أدراكه الأتراك بشكل مبكر.

 

وفي هذه الأسباب يلتقي مقال أبو العز مع مقال الكاتب شاهر الشاهر في موقع الميادين الذي أكد أن عودة العلاقات السورية السعودية لم تكن أمراً مستغرباً، لكنّ المستغرب أن تقود المملكة بنفسها المساعي العربية لعودة العلاقات بدمشق، وصولاً إلى استعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية، والسعي لإيجاد حل نهائي للأزمة السورية، وأثار الموقف السعودي تساؤلات كثيرة لدى عدد من المهتمين بالشأن السياسي.

 

وقال الكاتب: بدأت المنطقة تشهد حالة من "تبريد الأجواء"، جاءت نتيجة للاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وما نتج منه من مصالحات (سعودية سورية، وقطرية بحرينية، ويمنية سعودية)، وهي ملفات مرتبطة أساساً بالخلاف بين البلدين، وهو ما يشير إلى رغبة دول المنطقة في فتح صفحة جديدة من العلاقات فيما بينها، ونسيان الماضي، والتفكير بإيجابية قدر الإمكان.

 

وتابع الكاتب: بدأت السعودية تفكر بطريقة مغايرة منذ سنوات، خصوصاً مع وصول الملك سلمان وولي العهد الجديد الأمير محمد، ومع الاستدارة الأميركية عن المملكة، وتوجه المملكة شرقاً، نحو روسيا والصين، وجاءت القمة الصينية العربية، التي عُقدت في الرياض في عام 2022، لتكرس المملكة قائدةً للنظام الرسمي العربي، في ظل تراجع الدور المصري لاعتبارات كثيرة، أهمها الواقع الاقتصادي الصعب، والذي ازداد سوءاً، منذ أحداث "الربيع العربي". هذا الواقع جعل مصر تقدّم كثيراً من التنازلات إلى دول الخليج العربي، في مقابل حصولها على بعض الامتيازات الاقتصادية، مثل الودائع البنكية وغيرها، وبعد الحرب الأوكرانية، التي شكّلت بداية لبروز نظام عالمي جديد، قوامه التعددية القطبية وضرورة السعي لإصلاح الأمم المتحدة، المعطلة أصلاً، بدأ الحديث عن ضرورة توسيع مجلس الأمن، ليشمل دولاً أخرى، بحيث جرى الحديث عن إعطاء مقعد للهند، ومقعد للقارة الأفريقية، ومقعد للدول العربية.

 

وختم الكاتب: يبدو أن الاستدارة السعودية نحو دمشق ليست لتثبيت الواقع كما هو، بقدر ما هي مسعى لحلحلة الأمور؛ بمعنى أنها ليست حركة تكتيكية جاءت استجابة لمتطلبات إنسانية، بقدر ما هي رؤية استراتيجية متكاملة، ستسعى لتطبيقها بعد التشاور مع دمشق، وتفهُّم هواجسها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=93138