وجهات نظر

هل سقطت مقولة "الرد في المكان والزمان المناسبين"؟

عبد الباري عطوان


كتب عبد الباري عطوان في صحيفة رأي اليوم تحت عنوان "هل اقترب الاحتلال الأمريكي في سورية من نهايته بعد الهجوم بالمسيّرات والصّواريخ على قواعده شرق الفرات؟ ولماذا نعتقد أن “مقولة” الرّد في المكان والزّمان المُناسبين سقطت؟ وما هو تفسير تراجع بايدن فجأةً عن تهديداته بضرب إيران": 
 
يبدو أن أيام قوات الاحتلال الأمريكي في شمال شرق سورية الغنية بالنفط والغاز والحبوب باتت معدودة جداً، وتنتظرها هزيمة مذلة، في ظل الهجمات التي استهدفت قواعدها بالمسيرات والصواريخ من قِبَل مجموعات مقاومة مُسلّحة حليفة لمحور المقاومة أدت ولأوّل مرّة إلى مقتل متعهّد، وإصابة خمسة جنود أمريكيين حسب البيانات الرسميّة الأمريكيّة، ومن غير المُستَبعد أن يكون العدد الحقيقيّ للضّحايا أكبر. 
صحيح أن الطّائرات الحربيّة الأمريكيّة من طراز “إف 15” شنّت هجمات مضادّة أدّت إلى استشهاد حوالي 19 مقاتلًا، ولكن الصحيح أيضاً أن الرد جاء سريعًا بإطلاق 10 صواريخ على قاعدة حقل العمر النفطي السوري الأمريكية شرق دير الزور. 
 
الخُطورة في رأينا لا تنحصر في عدد الشهداء من مقاتلي محور المقاومة، وإنما دخول المسيّرات والصّواريخ إلى ميدان المعركة، وزعزعة أمن واستقرار قوّات الاحتلال الأمريكية البالغ عددها 900 جندي، وإيقاع خسائر بشرية أمريكية في صفوفها، ولأول مرة منذ حوالي عشر سنوات، مضافاً إلى ذلك وهذا هو الأهم عسكرياً، فشل النظام الدفاعي الأمريكي المتطوّر جداً في هذه القواعد في التصدي لمسيرة إيرانية الصنع التي قصفت القاعدة، الأمر الذي سيحدث حالة من الهلع والرعب في صفوف قوّات الاحتلال هذه وقيادتها في البيت الأبيض فالمصاب كبير. 
 
اللافت من خلال متابعة فصول هذه المواجهات العسكريّة في اليومين الماضيين حدوث تغيير جذريّ في قواعد الاشتباك من جانب القوّات التّابعة لمحور المقاومة وقيادتها في المناطق الحدودية العراقيّة السوريّة، وفي دمشق وطهران تحديداً، من حيث الانتقال من مرحلة “التّعايش” مع هذا الوجود العسكري الأمريكي، وامتصاص ضرباته، إلى مرحلة الهجوم المباشر الموجع، تنفيذاً لهدف استراتيجي أكبر وهو إجبار القوات الأمريكيّة على الانسحاب فوراً تقليصاً للخسائر البشريّة في صفوفها، وإعادة المنطقة وثرواتها النفطية والغازية والغذائية إلى السيادة السوريّة. 
سرقة أمريكا للنفط والغاز والحبوب السوريّة من المرجّح أن تتوقّف في الأيّام أو الأسابيع القليلة المُقبلة، وخط الإمداد الإيراني إلى سورية ولبنان عبر العراق الذي قطعته القواعد الأمريكيّة سيعود إلى العمل بقوة أيضاً، ومثلما منيت الولايات المتحدة بهزيمة مذلة، كان أكثر فصولها فضائحيّة في مطار كابول الأفغاني، سيتكرر المشهد نفسه في شرق الفرات وقاعدة التنف (سورية) والمنطقة الخضراء وعين الأسد في العراق. 
 
عندما يقول الجِنرال كيوان خسروي المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني “إن أي هجوم لاستهداف القواعد التي تم إنشاؤها بناءً على طلب الحكومة السورية للتصدي للإرهاب، وعناصر داعش، سيقابل بهجومٍ مضاد وسريع”، فهذا إعلان رسميّ بانتهاء مقولة “الرد في المكان والزمان المناسبين” أو هكذا نعتقد.. ولا نملك غير الانتظار.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=92691