وجهات نظر

مسؤولية الأمم المتحدة

شوكت أبوفخر


جُمّدت العقوبات الأمريكية على سورية، هذا حق للشعب السوري، انتهكته الإدارة الأمريكية وأمعنت فيه.

لا تخفى المرامي والأهداف الحقيقية للقرار الأمريكي، وأصغر سوري بات على قناعة تامة بالألاعيب الأمريكية ومناوراتها، بل ويدرك جيداً أن الحرج الكبير الذي وقعت به الإدارة الأمريكية أمام العالم، أمام صور الكارثة الزلزالية، دفعها لإصدار هذا القرار.

فالصور المتداولة والحملات الشعبية المنددة بالسياسة الأمريكية المتجاهلة لآلام السوريين وعسر أحوالهم، كلّ ذلك دفع الإدارة الأمريكية إلى المناورة، وارتداء اللبوس الإنساني على سياستها المتوحشة من خلال ذلك القرار من دون أن تتغير على أرض الواقع.

كارثة 6 شباط وتداعياتها حتى الآن قد ضاعفت وتضاعفت معاناة الشعب السوري المنكوب أصلاً بفعل الحصار الأمريكي والغربي الظالم المفروض على سورية، بفعل ما يسمى «قانون قيصر» عديم الإنسانية الذي أعاق وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المتضررين من كارثة الزلزال المدمر، وعرقل جهود فرق الإنقاذ الإنسانية للبحث عن الناجين تحت الأنقاض، ومنع وصول الإمكانات لفرق الإنقاذ والبحث والإغاثة للمتضررين، كلّ ذلك بفعل الحصار الظالم على الشعب السوري، الذي لم يراعِ الجوانب الإنسانية ولا الأخلاقية إزاء كارثة غير مسبوقة تتعرض لها سورية.

لقد أدركت سورية سلفاً أن ما يحرك الإدارة، لم يكن يوماً دوافع إنسانية، أو أخلاقية، فهي أبعد ما تكون عن هذه القيم، إنما تكاذب فاضح حيث أسقط في يدها أمام هول الفاجعة التي تعرض لها السوريون، وتصاعد مشاعر الغضب الشعبي في كل أنحاء العالم المناهضة للسياسة الإجرامية التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سورية، والتي ساهمت بتدميرها وسرقة ثرواتها الطبيعية والحؤول دون تعافيها عبر فرض العقوبات الجائرة وغير الإنسانية عليها، هنا لم تجد الإدارة الأمريكية بدّاً من محاولة تحسين سمعتها أمام الرأي العام العالمي التي تضررت بشدة زاعمة تجميد معظم العقوبات المفروضة على السوريين لمدة ستة أشهر، علماً أنه تجميد متأخر وشكلي وأشبه بذر الرماد في العيون.

الموضوع اليوم بات بعهدة الأمم المتحدة وأمينها العام انطونيو غوتيريس، فالمنظمة قد أسست على أهداف ومبادئ لحماية الإنسانية، وما يتعرض له الشعب السوري من ظلم فادح وجور، يتنافى مع مبادئ وأهداف هذه المنظمة، الأمر الذي يقتضي تحمل الأخيرة المسؤولية كاملة، إنسانياً وأخلاقياً إزاء معاناة الشعب السوري، والعمل الفوري الجاد على رفع نهائي غير مشروط للحصار الظالم، الذي يعدّ جريمة دولية بحق شعب سورية والإنسانية جمعاء، وخاصة في ظل كارثة الزلزال المدمر، ويقيناً لو استطاعت الأمم المتحدة هذا، وهي قادرة لو امتلكت الإرداة، فإنها بحق تكون قد اتخذت قراراً للتاريخ، بأنها لم تصمت على هذا الظلم، وبيدها رفضه، وقيادة العالم إلى العمل على خرقه لأنه باطل، ندرك جيداً أن هذا صعب التحقق، لأسباب كثيرة ليست خافية على أحد، لكن تبقى دعوة صادقة لمصلحة المنظمة وسورية والبشرية جمعاء.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=92111