وجهات نظر

التضامن الأهلي

تركي صقر


لم ينتظر السوريون مساعدات الخارج على أهميتها لمواجهة الكارثة الكبرى، بل كانوا سباقين لمؤازرة المنكوبين وتداعوا من كل حدبٍ وصوب لتسيير القوافل إلى المناطق المنكوبة لتقديم العون والمساندة ولملمة آثار المصاب الجلل ورسمت هذه «الفزعة» لوحة من التضامن الاجتماعي والتعاضد الأهلي شمل المناطق السورية كلها لاحتواء الزلزال المدمر الذي ضرب عدة محافظات سورية وخلّف دماراً هائلاً وقضى على عائلات بكاملها وانهارت أبنية كثيرة وسويت بالأرض.

 

وقف السوريون منذ اللحظة الأولى للكارثة وقفة رجل واحد لمواجهة المصاب الكبير، ولم يبخل أحدٌ منهم في مد يد العون لأشقائهم في المناطق المنكوبة، والمواقف الأخوية التي ظهرت خففت من المصاب وبلسمت الجراح على عمقها واتساعها، وهذا العون الكبير ليس غريباً على روح الأخوّة الأصيلة للشعب السوري الذي واجه كوارث كثيرة وتغلب عليها وخرج منها أقوى وأصلب.

 

وزاد من معاناة السوريين ومواجهة الكارثة العقوبات أحادية الجانب التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود من الزمن، والقرار الأمريكي الأخير برفع جزئي للعقوبات ولمدة 6 أشهر فقط لا يشكل سوى إسهام ضئيل في رفع المعاناة، ولاسيما أن سورية عانت من العقوبات الأمريكية التي شملت مختلف جوانب الحياة، فضلاً عن أن الولايات المتحدة مازالت تسرق موارد سورية من النفط والغاز والقمح التي يحتاجها الشعب السوري وهو في أمسّ الحاجة إليها، وهذه السرقة في حدّ ذاتها إرهاب اقتصادي لا مثيل له، وماذا ينفع رفع العقوبات الجزئي ولمدة محدودة إذا بقيت سرقة النفط والقمح على حالها؟

 

ما كانت الولايات المتحدة الأمريكية لترفع عقوباتها بشكل محدود لولا الضغط العالمي ولولا أن رأت هذا التعاطف العالمي مع المأساة السورية، وهي تريد أن تساير هذه الموجة العارمة من الالتفاف حول سورية ومصابها الجلل، وهذه المسايرة لأغراض دعائية لا أكثر لأنه في حجم المأساة السورية كان يفترض رفع العقوبات كلياً.

 

لن تنسى سورية ولن ينسى الشعب السوري من وقف معه في هذه المحنة المريرة، وسورية مشهود لها بالمسارعة قبل الآخرين للمساعدة ومد يد العون لكل دولة تعرضت لكارثة، وسورية بحاجة الآن لجهود جميع الدول لأن الكارثة هائلة وغير مسبوقة وجاءت في أعقاب حرب إرهابية ظالمة امتدت سنوات طويلة، وحتى اللحظة سارعت دول شقيقة ودول صديقة كثيرة إلى مساعدة سورية، وبرزت العديد من الجهات تقف معها وتقيم جسوراً جوية لإغاثة المنكوبين، وهذه مواقف سيسجلها التاريخ بأحرف من نور.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=91928