عالم الرياضة

قاربت قيمتها 500 مليون يورو في الموسم الحالي.. صفقات تشلسي مشروع جديد أم محاولة للهروب إلى الأمام؟


الإعلام تايم || باسم بدران 

 

عامان تقريباً مرا على تتويج تشلسي الإنكليزي بلقب دوري الأبطال للمرة الثانية في تاريخه.. العديد من الصور لا زالت عالقة في أذهان الكثير من أنصاره من تلك الليلة التاريخية التي صعد بها إلى منصة التتويج في ملعب حديقة الأمراء في باريس على حساب مواطنه مانشستر سيتي..

لكن بالنسبة للبعض فإن هذه اللحظات تبدو وكأنها قد حدثت منذ زمن بعيد جداً، إذ انقلب حال الفريق اللندني سريعاً، وتعرض لسلسلة من المشاكل الإدارية التي جعلته عاجزاً عن المنافسة حتى على الصعيد المحلي.


مركز عاشر في ختام منافسات مرحلة الذهاب من الدوري الإنكليزي الممتاز، برصيد 29 نقطة وبفارق 21 نقطة عن جاره أرسنال المتصدر، ونحو 10 نقاط عن مانشستر يونايتد صاحب المركز الرابع (المؤهل لدوري الأبطال).. إضافة إلى خروج مبكر من الدور الثالث لمسابقتي كأس إنكلترا وكأس رابطة الأندية المحترفة على يد مانشستر سيتي، وهما البطولتان اللتان بلغ النادي اللندني المباراة النهائية فيهما خلال الموسم المنصرم.

نتائج كانت كفيلة بالإطاحة بمدرب الفريق غراهام بوتر خلال حقبة المالك الروسي رومان أبراموفيتش، لكن السيناريو يبدو مختلفاً في عهد الملاك الجدد بقيادة تود بويلي إذ تلقى بوتر دعماً منقطع النظير في سوق الانتقالات الشتوية الحالية من خلال إنفاق رقم قياسي فاق التوقعات، على عكس سلفه الألماني توماس توخيل الذي أقيل من منصبه بعد سبع مباريات فقط على انطلاقة الموسم الحالي..

وعلى الرغم من أن بوتر لا يمتلك السيرة الذاتية الكبيرة التي تحاكي العديد من المدربين الذين مروا على قيادة الجهاز الفني للفريق خلال العقدين الماضيين، إلا أنه يؤمن بأن الزمن قد تغير في تشلسي، وأن نهج التعامل مع المدربين في الفريق اللندني قد أصبح مختلفاً، خاصة وأنه يمر بفترة انتقالية كبيرة تحتاج إلى الصبر والحكمة..


لكن البعض الآخر ينظر إلى ما يجري في النادي اللندني على أنه سيناريو مشابه تماماً لما كان يجري في حقبة الروسي أبراموفيتش.. حيث تصدر إنفاق تشلسي الكبير تحت قيادة مالكه الجديد تود بويلي في الموسم الحالي 2022-2023 والذي قارب 500 مليون يورو عناوين الصحف البريطانية التي تساءلت عن حقيقة ما إذا كانت هذه الصفقات تمثل مشروعاً حقيقياً ومدروساً للنهوض بالفريق وإعادته إلى مسار المنافسة على الألقاب، أم أنها محاولة للهروب إلى الأمام كما كان الأمر دوماً في أروقة ستامفورد بريدج.


وبعد أن أنفقت إدارة الفريق نحو 290 مليون يورو في الميركاتو الصيفي الفائت، فاجأ تشلسي الجميع بإنفاق أكثر من 200 مليون يورو في سوق الانتقالات الشتوية الحالية التي ستغلق أبوابها في غضون أيام، وهو رقم يزيد بـ70 مليون يوروعما انفقته كل فرق الدوري الإيطالي والألماني والفرنسي مجتمعة خلال الفترة ذاتها.


وأبرم البلوز ست صفقات في الميركاتو الشتوي كان أبرزها صفقة الأوكراني ميخائيلو مودريك التي بلغت قيمتها 88 مليون جنيه إسترليني أي ما يقارب 100 مليون يورو، لتكون ثاني أغلى صفقة شتوية في التاريخ الميركاتو الشتوي بعد صفقة انتقال البرازيلي فيليبي كوتينيو من ليفربول إلى برشلونة الإسباني في كانون الثاني/يناير من العام 2018..

كما أنها تعد ثاني أعلى صفقة في تاريخ النادي اللندني بعد صفقة البلجيكي روميلو لوكاكو المعار حالياً إلى الانتر، وذلك حين قدم من النادي الإيطالي نفسه في صيف العام 2021 مقابل 97.5 مليون جنيه إسترليني.


وخطف مودريك الأنظار بشدة في دوري الأبطال هذا الموسم بتسجيل ثلاثة أهداف وصناعة اثنين آخرين وإتمام عشر مراوغات ناجحة ولمس الكرة 18 مرة في منطقة جزاء الخصم.. وتلقى مودريك الذي يملك القدرة على اللعب في أي من طرفي الملعب، تحية خاصة من جماهير ريال مدريد في المباراة التي خسرها فريقه شاختار دونيتسك (1-2) عندما تم استبداله في الشوط الثاني..


بعيداً عن مودريك، فقد أبرم تشلسي خمس صفقات أخرى في سوق الانتقالات الحالية، كان أكثرها قيمة التعاقد مع المدافع الفرنسي بينو بادشيل الذي جاء من موناكو مقابل 35 مليون جنيه إسترليني، في حين كلفت صفقة لاعب خط الوسط أندريه سانتوس 18 مليوناً تم دفعها لخزينة نادي فاسكو دي غاما، والمهاجم دافيد داترو فوفانا مقابل 8 ملايين جنيه من نادي مولده النرويجي وأخيراً البرتغالي جواو فيليكس الذي وصل على سبيل الإعارة مقابل عشرة ملايين جنيه من أتلتيكو مدريد الإسباني، علماً ان إنفاق تشلسي لم يتوقف عند هذا الحد إذ نجح في ضم الموهبة الإنكليزية الشابة توني مادويكي من آيندهوفن مقابل ما يصل إلى 29 مليون جنيه إسترليني..


لكن الإنفاق الكبير للنادي اللندني قد يجعله يواجه مساءلة بشأن قوانين اللعب المالي النظيف، في حال فشله في التأهل لدوري الأبطال في الموسم المقبل، لأن ذلك سيفقده عوائد مالية حيوية، إذ قد تصل مكاسبه إلى 100 مليون يورو من البث التلفزيوني في حل فوزه على بوروسيا دورتموند في دور الـ16 من المسابقة.

وتنص قواعد اللعب المالي النظيف في الدوري الإنكليزي الممتاز على أنه يسمح للأندية بخسارة ما يقارب 130 مليون يورو خلال ثلاث سنوات متتالية، أما الاتحاد الأوروبي فلا يسمح للأندية بخسارة أكثر من 75 مليون يورو على مدار ثلاث سنوات..

وفيما تحاول إدارة تشلسي استعادة بعض من الأموال التي أنفقتها من خلال الاستغناء عن عدد من اللاعبين الحاليين مثل حكيم زياش وكريستيان بوليسيتش وكاي هافيرتز إضافة إلى جورجينيو، فإن بعض العوامل تلعب لصالحه أيضاً من خلال التعاقد بعقود طويلة الأمد مع بعض اللاعبين الذين انضموا إليه مؤخراً تزيد على ست أو سبع سنوات، ما يساعد على توزيع التكلفة الإجمالية للصفقة على عدة سنوات.


في النصف الأول من الموسم الحالي، لم يسجل تشلسي أكثر من 22 هدفاً في 20 مباراة ليحتل المركز الثالث عشر على لائحة ترتيب فرق البريمرليغ.. وهو ما يبرر تواجده في وسط اللائحة على نحو أقرب من قائمة المهددين بالهبوط إلى الدرجة الأولى مقارنة بالمسافة التي يبتعد فيها عن مواقع الصدارة.


ربما يملك بوتر أعذاراً كثيرة بإمكانه استخدامها من أجل تبرير الحالة التي وصل إليها الفريق وخاصة بعد الخسارة من فولهام والتعادل مع ليفربول الذي لا يمر بأفضل أيامه، إذ أنه لم يمتلك القرار في الصفقات الصيفية نظراً لأنه لم يكن موجوداً مع الفريق، في حين أن الإصابات أرهقت الفريق خلال الموسم الحالي، إذ لم يلعب الفرنسي كانتي منذ آب/ أغسطس الفائت، كما غاب الدوليان الإنكليزيان ريس جيمس وبن تشيلويل عن نهائيات كأس العالم بعد فترة ابتعاد طويلة، واقتصرت مشاركة اللاعب الأغلى في الصيف الفائت، الفرنسي ويسلي فوفانا، على أربع مباريات فقط..


لكن وبعد الصفقات الشتوية التي تم إبرامها، سيكون بوتر بحاجة إلى أعذار من نوع آخر في المرحلة المقبلة ما لم يتمكن من إحداث انعطافة حقيقية في مسار الفريق، علماً أنه وبالنظر إلى المستوى الذي يقدمه في الآونة الأخيرة فإن جماهير الفريق لا تشعر بالتفاؤل حيال إمكانية ذهاب تشلسي بعيداً في مسابقة دوري الأبطال في الموسم الحالي وهي المسابقة التي يعول عليها الكثيرون لإنقاذ موسم الفريق..

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=54&id=91644