وجهات نظر

هل تتخلى واشنطن عن "قسد"

غسان يوسف


من ينظر إلى تاريخ تشكيل قوات  سورية الديمقراطية  "قسد" في 10 أكتوبر 2015 , أي في أعقاب إعلان روسيا إدخال قواتها إلى سورية في 31 سبلتمبر من العام نفسه بدعوة من الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب , يعرف أن الولايات المتحدة تحافت مع هذه القوات لأسباب عدة .

 

الأول : مواجهة الوجودين الروسي والإيراني في سورية , الثاني : وضع حجر أساس لتقسيم سورية على غرار النموذج العراقي "غير المعلن" ومنع الدولة السورية من إعادة بسط سيطرتها على كامل الأراضي السورية , بما فيها حقول النفط  في المنطقة الشرقية .

 

الثالث : محاولة فرض مواقفها في أي حل سياسي يمكن أن يتفق عليه السوريون .

الرابع وهو الأهم : جعل هذه القوات وسيلة ضغط على تركيا  , باعتبار أن "قسد " تتبنى عقيدة حزب العمال الكردستاني نفسها, وهو الحزب الموجود في تركيا والذي تعتبره تركيا حزبا أرهابيا , وتقوم بمحاربته منذ عام 1984 وتسجن زعيمه عبد الله أوجلان !

أما السبب الخامس : فهو الأخطر والمعلن , إدعاء الولايات المتحدة أنها تحافت مع قسد لمحاربة "داعش" وإن كان هذا الأمر صحيحا فمع انتهاء الحرب على "داعش" كان على الوزلايات المتحدة أن تخرج من سورية ,أي منذ سقوط بلدة الباغوز آخر معاقل "داعش" في مارس 2019 لكن الأسباب الخمسة السابقة هي من تجعل الولايات المتحدة تتمسك بقسد لتحقيق مطامعها في سورية, والضغط على الدول الثلاثالاخرى سورية وتركيا وإيران .

 

نحن اليوم أمام مرحلة جديدة بعد ‘علان سورية وتركيا عن مسار جديد   مختلف عن ظروف 2015 , حيث كانت دمشق وأنقرة تقفان على طرفي نقيض , أما الآن وبعد الغعلان الواضح والصريح عن تقارب سوري تركي ,تكلل باجتماع وزيري دفاع البلدين برعاية روسيا في 28 منى ديسمبر الماضي , وإعلان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن اللقاء الوزاري تناول مسألة "حزب العمال الكلردستاني "  وووجوده في سورية سيجعل قوات قسد التابعة له ومن يدعمها في موقف حرج .

 

حيث لاتزال الولايات المتحدة تقدم لهذه القوات كل أشكال الدعم اللوجستي , وهي من وقفت في لاوجه تركيا ومنعتها من شن عملية عسكربية برية بعد شن الأخيرة عملية جوية في 20 نوفمبر العام الماضي بعد تفجير إسطنبول في 13 من الشهر نفسه , واتهمت أنقرة حزب العمال الكردستاني وقوات قسد بالوقوف خلف هذا التفجير .

لكن السؤال الآن , هل ستستمر الولايات المنحدة في حماية "قسد"في حال أصرت تركيا تركيا على عمل عسكري بري ضدها ؟ 

الكل يتذكر أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ترك المجال لتركيا للقيام بعملية "نبع السلام" في أكتوبر 2019 واحتلال كل من تل أبيض ورأس العين ,معلنا انسحاب قواته من تلك المناطق مااعتبره الأكراد يومها خيانة من قبل حليفهم الأميركي , مهرولين إلى دمشق وموسكو ماأثمر يومها عن مذكرة تفاهم بين الطرفين, تم بموجبها انتشار الجيش السوري على الحدود التركية .

 

ولم يكتف ترامب بذلك بل أعلن في العالم نفسه أنه سيسحب قواته من سورية , لكن ضغط بعض المتنفذين , في غدارته أدى إلى إبقاء حوالي 900 جندي أميركي في سورية لحماية حقول النفط ,كما أعلن متفاخرا أنه أمن حقول النفط ,وأن الولايات المتحدة تكسب من النفط السوريب 45 مليون دولار شهريا .

 

 

سؤال آخر من يضمن ألا تنسحب إدارة بايدن من شمال شرق سورية في أي وقت كما فعلت في أفغانستان , ومن يضمن ألا تفعل اللإدارة الأميركية المقبلة ذلك وتتخلى عن الأكراد و كما تخوف وصرح بعض مسؤولي الكرد أنفسهم كمظلوم عبدي وصالح مسلم؟

الجواب ليس أمام "قسد" إلا خياران لاثالث لهما!

 

إما التحالف مع الدولة السورية والحصول على مكاسب في اللامركزية الإدارية بحسب المرسوم 107 الصادر عام 2011 وما قد يجري عليه من من تعديلات قد يتفق عليها بين الطرفيين , مع الأخذبالحسبان أن الولايات المتحدة مازالت تجري اتصالات سرية مع دمشق كما صرح بذلك مؤخرا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف , أو البقاء في الحضن الأميركي وتحمل الضربات التركية المتلاحقة مع احتمال اتفاق أنقرة وواشنطن في أي لحظة .

 

وقد تكون الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو إلى واشنطن بداية لهذا الاتفاق, وبالتالي يكون تكرار سيناريو الانسحاب من أفغانستان هو الأقرب , وتتحمل قيادات "قسد" مسؤولية الوصول إلى هذه اللحظة , وهو ماتتمناه وتسعى إليه كل القوى المحيطة بها سواء في الداخل السوري أو خارجه .

 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=91501