تحقيقات وتقارير

"النكتة".. سلاح دون نيران بين روسيا وأوكرانيا


 الإعلام تايم || رقية الملحم


مع تسارع وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية ومن خلال متابعتي للأخبار دفعني فضولي أن أدخل إحدى الصفحات الشعبية  الروسية والأوكرانية ولأني لا أجيد لغتهم دخلت على تطبيق للترجمة ؛ ومن خلال صور والمنشورات التي ترجمتها تبين أن الروس والأوكرانيين بلغتنا العامية " أصحاب نكتة " ، حيث تنتشر آلاف الحسابات المخصصة لهذه النكات من خلال استلهامها لمشاهد الحرب  وهي نكات لا تعد ولاتحصى.

ومثال ذلك ينشر مستخدمون روس صوراً لرأس النظام الأوكراني بسخرية واضحة وكونه ممثل كوميدي سابق فقد ألبسوه لباس مهرج وهو خائف مختبئ خلف طاولته يطلب المساعدة من أميركا والناتو.


وعلى الرغم من أن صور الحروب ليست مسألة مثيرة لضحك فالحرب ليست كوميديا يلجأ الروس والأوكران وأغلب الشعوب  بشكل عام  للأسلوب الفكاهي في طرح قضايا حياتهم اليومية بشكل كبير وقت الأزمات والحروب!! هذا الأمر أكده أغلب علماء  النفس عندما بينوا الأثر العميق الذي تحدثه النكتة في النفس كوسيلة للتخفيف من التوتر  النفسي.

 "الكوميديا  "تخفف  من ضغوط الحياة

قال الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون في كتابه "سيكيولوجية الضحك" أن النكتة هي محاولة "قهر القهر " وهناك عبارة شهيرة للممثل الكوميدي "تشارلي تشابلن" هي أن الحياة عبارة عن مأساة عند النظر إليها من قرب  لكنها كوميديا في لقطة طويلة".

وللكوميديا غايات عدة، أهمها محاكاة نقائص الأفراد في مجتمعهم بغرض تحقيق  الفكاهة ولطالما استخدم الكتاب  أساليب متنوعة لتوظيف الكوميديا في أعمالهم الأدبية وهو أسلوب لمعالجة مخاوف الحياة اليومية.


ومثال على ذلك أنه في الحروب التي تفرض سلوك يتسم بالجدية والحزم  نجد أكثر  الناس يلجؤون لسلاح  النكت ففي زمن الحربين العالميتين مثلا ازداد انتشار الرسومات الكوميديا في الصحف وحتى على الجدران للسخرية من الأعداء  ويقارن  هذا الأسلوب حديثاً باستخدام الصور و"المنشورات" الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي وظهور مايسمى "بالكوميديا الرقمية"


 الفكاهة.. أكثر من مجرد ضحك

وسط دوي الدبابات وتبادل نيران الصواريخ بين روسيا وأوكرانيا ظهر مؤخراً سلاح ليس بجديد وبدون نيران لايستهدف الجسد إنما المعنويات وأثبت فعاليته وهو "الكوميديا الرقمية " هذه "الكوميديا "  ليست وليدة اللحظة بل هي قديمة في الأدب والسينما ؛ ومثال على هذه الكوميديا  أنه مع بداية الأزمة الأوكرانية الروسية نشرت السفارة الروسية في في باريس "رسم ساخر" يظهر جثة فوق طاولة وعليها كلمة "أوروبا" في حين يقوم شخصان يمثلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بحقنها إبر مما أثار غضب الخارجية الفرنسية واستدعت السفير " ميشكوف "  إلى مقرهل واعتبرت مانشرته السفارة الروسية  غير مقبول وقالت هذه الأفعال غير ملائمة بالمرة كلام الخارجية الفرنسية أثار ردود واسعة من قبل رواد "السوشال ميديا " وأبدو امتعاضهم من ازدواجية المعاير لدى باريس التي كشفها المنشور الروسي الساخر وعلق رواد مواقع التواصل أن فرنسا دافعت لسنوات عديدة عن الرسوم الكاريكتورية المسيئة للإسلام وللرسول "محمد" واعتبرتها حرية تعبير تستنفر اليوم بسبب منشور ساخر" أين حرية التعبير يافرنسا "؟

لهذا  تعد الفكاهة أداة قوية خاصة في زمن الحروب فالرموز الساخرة والفكاهة  ليست مجرد تسلية ولاتقلل من آلام الحروب فقط  بل تكشف وتفضح  دموية وأهداف العدو وتظهر إزدواجية المعاير لديه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=91348