وجهات نظر

إبعاد السفير السوري بالأردن ما بين التسريبات الرديئة والحقيقة المرة

عامر التل


لا أكتب من باب الانفعال ولا المعارضة العدمية لسياسة بلدي الأردن، إنما من باب الحرص على الأردن من هذه السياسات التابعة التي يتخذها.

فالعلاقات الأردنية السورية أكبر من أن يهزها قرار أحمق مثل قرار اعتبار السفير السوري في الأردن شخصاً غير مرغوب فيه، فكتبة التدخل السريع، المعروفين برخصهم وارتزاقهم ونذالتهم، يريدون إقناع الرأي العام الأردني أنه قرار أردني صرف وأن الأردن اتخذه بعد أن نفذ صبره... لهؤلاء نقول احترموا عقول الأردنيين، فمن الذي صبر على من؟ هل الأردن هو الذي صبر على سورية أم أن سورية هي التي صبرت على الأردن وتحلت بأقصى درجات المسؤولية القومية تجاه الجار والشقيق الأردني؟ .
هذا الكلام ليس من باب التشهير ولا المزاودة، فلا أحد يزايد علي بوطنيتي ولا بقوميتي.
فالحكومة الأردنية، وعبر أكثر من ثلاث سنوات، وهو عمر الحرب الكونية على سورية، لم تدخر جهدا في تدريب الإرهابيين ليتم إرسالهم الى سورية، وكانت وما زالت لا تملك حرية أن تقول لا لمن يقوم بعمليات التدريب وإرسال السلاح الى سورية، وهذه المعلومات ليست مختلقة ولا هي سرية ولا جديدة، فالعديد من المسؤوليين الأمريكيين صرحوا بذلك ولم نسمع نفياً رسمياً أردنياً لكلام هؤلاء المسؤوليين، وسورية ضبطت العديد من الإرهابيين الذين اعترفوا بأنهم تلقوا تدريبهم بالأردن على أيدي ضباط من السي اي ايه، هذا دون أن ننسى غرفة العمليات الموجودة في الأردن لإدارة الحرب وتوجيه الإرهابيين في سورية .
السفير السوري الدكتور بهجت سليمان عنده من الانتماء لبلده وأمته ما يكفي لإسكات كل من يتهمه أنه كان سفيراً "يتطاول على الأردن وشعبه" فهو محب لشعب الأردن ولا يحتاج لشهادة حسن سلوك قومي ممن باعوا أنفسهم لأعداء الأمة، فهو قومي حتى النخاع ولا يستطيع أحد أن يزاود عليه، وتاريخه وتصرفاته، سواء وهو سفيرا لبلده أو في مواقع المسؤولية التي تسلمها، تثبت أنه كان ملتزماً بثوابت بلده وأمته، وهي ثوابت تعبر عن قناعاته الشخصية وليست من منطلق أنه مسؤول وعليه تنفيذ هذه الثوابت .
وبعد صدور القرار الذي اعتبر الدكتور بهجت سليمان، السفير السوري بعمان، شخصاً غير مرغوب به كثرت التحليلات والآراء ومعظمها يصب بتحميل السفير المسؤولية عن القرار مثل ما أشيع من أنه ارتكب خطأ خلال حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة عيد الاستقلال، وهي إشاعة مردودة على من أطلقها والفيديو الذي تم تسريبه يثبت ذلك .
واذا كان لدى الحكومة الأردنية ما يثبت أن الدكتور بهجت سليمان "انتهك" السيادة الأردنية أو"أساء للأردن" فليتم نشره غير هذه التسريبات الرديئة التي تنتشر وتصب في عكس ما هدف اليه مسربوها.
وبالمقابل فلدى المواطن العادي عشرات الأدلة التي تؤكد أن سفراء أمريكا وبريطانيا وفرنسا و"إسرائيل" ينتهكون الأعراف الدبوماسية، وحتى السيادة الأردنية، فالسفير الامريكي بعمان يتفقد الحدود مع سورية!! ويصول ويجول في طول البلد وعرضها دون استئذان من أحد، ودون أن توجه له وزارة الخارجية إنذاراً، أو على الأقل مذكرة لفت نظر، لـ"نشاطاته المتعددة" والتي من ضمنها تدخله في أدق التفاصيل الداخلية للاردن؟ واهم أو مخادع من يعتقد أن وزير الخارجية ناصر جودة هو الذي اتخذ قرار إبعاد السفير السوري، لأن جودة لا يملك صلاحية اتخاذ مثل هذا القرار وهو مجرد أداة للتنفيذ.
فالقرار كما قلت ليس قراراً أردنياً ولم يأتِ من باب "الخلاف الشخصي"، وما بين سليمان وجودة ليس خلافاً شخصياً ومن يقول بذلك يشارك في تبرير قرار الإبعاد وهو شريك بالجريمة.
الخلاصة أنني على قناعة تامة أن مثل هذا القرار أساء للأردن كثيراً ولم يسيء لشخص الدكتور بهجت سليمان، بل على العكس أفاده كثيراً وأثبت أنه رجل دولة من طراز رفيع وأنه سفير غير عادي كرس مواقفاً ونهجاً في العمل الدبلوماسي وأعطى دروسا في فن الدبلوماسية لكيفية التعامل في بلد يتآمر على بلد آخر يمثله هذا السفير.
رئيس تحرير شبكة الوحدة الاخبارية في الاردن

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=9012