يدور سؤال في بال المتابع الذي يشهد منذ مدة سير التقارب التركي السوري الذي ترعاه موسكو وإيران بالدرجة الأولى؛ كيف سيكون وضع أنقرة لو لم تقم الحرب في أوكرانيا؟
من المعروف أن رئيس النظام التركي يستغل كل الأحداث الدولية ليضع يده على أي شيء يمكن أن ينقذ فيه حكمه وينهض بحلمه بإيقاظ الإمبراطورية العثمانية مجدداً، وهو لأجل هذا سريع في كسب أصدقائه وحلفائه وفي خسارتهم بالتخلي عنهم أيضاً، إذ تدور الدوائر في عرف أردوغان باتجاه مصالحه ومصالح حزبه أولاً ثم باتجاه تركيا.
لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت المستفيد الأكبر من تداعيات الأزمة الأوكرانية، فأي شي يشغل روسيا ويضعها على المحك هو مدعاة سرور لها، وأي شيء يفتح طريق الأموال من أوروبا مدعاة ترحيب، لكن هناك مستفيد آخر لا يخفي نفسه، يستغل حاجة الجميع إليه فيمد ذراعيه ليشد كل طرف ذراعاً باتجاهه، وعلى هذا لم يفوت أردوغان فرصة على مدى الشهور الماضية ونظم مفاوضات روسية أوكرانية، والتف على العقوبات الغربية على موسكو بمضاعفة حجم التبادل التجاري معها، وفي الوقت نفسه يزود أوكرانيا بطائرات مسيرة ويهدد الأمريكيين بشراء طائرات روسية.. يعلل أردوغان كل تصرفاته بحاجة كلا المعسكرين الماسة إلى بلاده في العملية الروسية الخاصة، وفي الناتو بوصف الجيش التركي ثاني أقوى جيش في الحلف.
يقول قائل إن لأي شيء ثمناً، ويبدو أن أردوغان بدأ فعلاً يدفع هذا الثمن منذ مدة فمعدل التضخم في تركيا تجاوز 80٪ والليرة التركية أصبحت العملة الأكثر اضطراباً في العالم، ويقول قائل أيضاً إن إنقاذ الاقتصاد التركي حتى إجراء الانتخابات العامة صيف عام 2023 غير ممكن إلا بمعجزة، فهل يصمد أردوغان؟ وهل تنجح استراتيجيته في تصفير مشكلاته ليعود إلى الحكم مجدداً أم أن العرش موجود في إمبراطورية أحلامه فقط؟
|
||||||||
|