نافذة على الصحافة

تركيا تغازل دمشق


تتوالى التصريحات التركية من مختلف الجهات، أتى آخرها على لسان رئيس النظام التركي نفسه، ورأى علاء الحلبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية  أنها ربما تنمّ عن تقدم فعلي على مسار التطبيع بين البلدين، رغم أن المصادر السورية المسؤولة لا تزال تبدي حذراً وتشككاً.

 

الكاتب قال: في انتظار ما سيؤول إليه هذا المسار في المرحلة المقبلة، يدور الحديث عن جملة سيناريوات يمكن أن تشكل بوابة للحل، على رأسها توسيع دائرة المصالحات بما يتيح إعادة العدد الأكبر من اللاجئين، وإدخال تعديلات على "اتفاقية أضنة" على نحو يسمح بخروج القوات التركية تدريجياً، وإبعاد ما تدْعوه أنقرة بالخطر عن الحدود، وتواصل تركيا على خط موازٍ تعزيز مسار التطبيع بينها وبين "إسرائيل"، مُتوِّجةً إياه بقرار تبادل السفراء، والذي لا يُخرجه المراقبون الأتراك من سياق التحوّلات التي بدأت تطرأ على سياسات بلادهم الخارجية منذ فترة، مُعيدةً إيّاها إلى مربّع "تصفير المشكلات" والاستثمار في الديبلوماسية. 

 

وأضاف الكاتب: أطلق إردوغان خلال عودته من مدينة لفيف الأوكرانية تصريحات جديدة أكد من خلالها استمرار الخطوات "الانفتاحية" على دمشق التي باتت أنقرة على يقين بضرورة التواصل معها لحلحلة المشكلات العالقة على الشريط الحدودي، وجدد تأكيده عدم وجود "مطامع" لبلاده في سورية، مبدياً رغبة بلاده في أن تقوم بدور في "دفع عملية السلام" في الجارة الجنوبية، وشدّد على ضرورة "الإقدام على خطوات متقدمة مع سورية... لا يمكن أبداً قطْع الحوار السياسي أو الدبلوماسي بين الدول، وطالما كنا جزءاً من الحل، هدفنا السلام الإقليمي وحماية بلدنا من التهديدات الخطيرة للأزمة"، مُعيداً التذكير بالنقطة التوافقية الأبرز بين دمشق وأنقرة، والتي تبني عليها روسيا وإيران جهودهما، والمتعلّقة بالرفض المشترك للوجود الأميركي في سورية، وقائلاً إن "الولايات المتحدة وقوات التحالف تغذّي الإرهاب في سورية بشكل أساسي، وذلك من دون هوادة".

 

وتابع الكاتب: تصريحات إردوغان والتي تأتي استكمالاً لسلسلة مواقف أطلقها مسؤولون أتراك خلال الأسبوعَين الماضيَين في الاتّجاه نفسه، تنمّ ربّما عن وجود تقدّم على مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، والذي توقّعت مصادر سورية مسؤولة، أن يشكّل أحد أبرز محاور اللقاء المزمع عقده بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيره السوري فيصل المقداد في موسكو الثلاثاء المقبل. وأعادت المصادر التذكير بموقف سورية المعلَن تجاه الانفتاح على تركيا، والمتمثل في وقف الأخيرة "دعم الإرهاب"، وإخراج قواتها من الأراضي السورية، مؤكدة أن "هذه المواقف ثابتة وراسخة، وأن تركيا على علم بها"، ومنبهةَ إلى أن "أي تطور في العلاقات بين البلدَين لن يكون من تحت الطاولة، وإنما بشكل معلَن يتضمن خطوات واضحة"، ووسط هذه المطبات العديدة، يدور في الأوساط السياسية السورية الحديث عن سيناريوات عديدة يمكن أن يتم التوافق عليها، من بينها توسيع دائرة المصالحات التي أظهرت نتائج مقبولة حتى الآن، ومن الممكن أن تشكل بوابة لإعادة قسم لا بأس به من اللاجئين السوريين قرب الحدود التركية؛ فضلاً عن رفع وتيرة الضغوط السورية - التركية - الروسية - الإيرانية على الوجود الأميركي في سورية، بما يمهد لإنهائه، وإيجاد حل لأزمة شرق الفرات. ويترافق الغزل التركي المستمر تجاه دمشق، مع ارتفاع ملحوظ في وتيرة الاحتكاكات بين ميليشيا "قسد" والاحتلال التركي.

 

وختم الكاتب: لا يزال طريق التطبيع بين دمشق وأنقرة طويلاً، ويتخلله الكثير من المعوقات، في ظل التحركات الأميركية المستمرة لإفشاله. غير أن الرغبة التركية في تحقيق انفراجات سياسية وميدانية قبيل الانتخابات الرئاسية، ومحاولات أنقرة العودة إلى سياسة "صفر مشاكل" للاستفادة من مشاريع غازية ترغب في أن تؤدي فيها دوراً محورياً، بالإضافة إلى القناعة التي يبدو أنها باتت راسخة لديها باستحالة الوصول إلى تسويات فعالة من دون التعاون مع الحكومة السورية، كلها عوامل يمكن النظر إليها على أنها دوافع لانفتاح مدروس ومتأنِّ بين الجارتَين، وفق التزامات وتعهدات مجدولة، لا تزال قيد الحوار والنقاش.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=87647