نافذة على الصحافة

اعتراف بانهيار العثمانية الجديدة


يلمح المسؤولون الأتراك إلى أن العلاقات التركية - السورية بدأت تسلك طريق المصالحة؛ ويرى محمد نور الدين في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية أن أي اختراق عملي لم يتمظهر حتى الآن، لكن سلوك أنقرة هذاالطريق دونه الكثير من العوائق، خصوصاً إذا كان الهدف النهائي تكتيكيّاً (انتخابياً)، وليس تداركاً لـخطأ لم يأتِ على أنقرة إلّا بكثير من المتاعب.

 

وقال الكاتب: بدأت القصة في طريق عودة إردوغان من لقاء جمعه إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي أخيراً، حين قال -في ما يشبه "قبولاً تركيّاً ضمنيّاً"- إن الرئيس الروسي أبلغه بأنه إذا كان لا بدّ من عملية عسكرية تركية في شمال سورية، فالأفضل أن تجري بالتعاون مع دمشق. وجاءت مقالة الصحافي يلماز بيلغين، في صحيفة "تركيا" الموالية، لتؤكد المضي قُدماً على هذا الطريق، إذ قال فيها إن "إمكانية أن يتصل إردوغان بالرئيس السوري بشار الأسد خلال وقت قصير قائمة". وبلغت ذروة "الحبكة" مع كشف وزير الخارجية التركي عن أنه التقى لدقائق على هامش مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز في بلغراد نظيره السوري فيصل المقداد وأبلغه بأنه "لإحلال السلام في سورية، يجب التصالح مع المعارضة". لكن مؤتمر بلغراد هذا عقد في شهر تشرين الثاني من العام الماضي، فيما الإعلان عن اللقاء -وهو الأوّل منذ سنوات- هو الجديد.

 

وأضاف الكاتب: آثرت الصحف الموالية مثل "صباح" و"أقشام" و"يني عقد" و"يني شفق" و"ستار" وحتى "تركيا" التي انطلق منها الخبر الصمت، فيما جاءت عناوين صحف المعارضة إمّا مهلّلة لمبادرة جاويش أوغلو، وإمّا شامتة بما أصبحت عليه سياسة تركيا تجاه سورية. وعنونت صحيفة "بركون"، مثلاً، "الذي تزرعه تحصده. الجماعات الجهادية التي غذّتها تركيا لسنوات، تحتجّ على تصريحات جاويش أوغلو"، فيما اعتبرت "إيفرينسيل" أن "تصريحات جاويش أوغلو اعتراف بانهيار العثمانية الجديدة"، وتحدّثت "قرار" عن "نار التحريض في عفرين وجرابلس وإعزاز"، وكتبت "سوزجي": "أطعمِ الْغراب يقطع عينيك (...)". من جهتها، دعت صحيفة "مللي غازيتيه" التابعة لـ"حزب السعادة"، إردوغان إلى الاعتذار من الحزب بعدما أصبح ينادي الآن بسياسة تجاه سورية، هي تلك التي دعاه إليها.

 

وتابع الكاتب: وفيما لم يصدر تعليق مباشر لدمشق على ما يجري من تطورات، بدت تصريحات مؤيّدي "العدالة والتنمية" خجولةً في هذا الإطار. من هؤلاء، ندرت أرسينيل الذي قال، في صحيفة "يني شفق"، إن "الديناميات الداخلية في تركيا وسورية تجاه تحسين العلاقات بينهما، كان تأثيرها قليلاً، فيما المعادلات الإقليمية والدولية هي الأهمّ. من ذلك: ارتقاء العلاقات التركية - الروسية من مستوى التعاون الإقليمي إلى مستوى التعاون الدولي، ولا سيما في البحر الأسود والقوقاز، كذلك كان لتدهور العلاقات التركية - الغربية أثره في التقارب مع سورية". على هذا المنوال، كتب السفير التركي السابق في دمشق عمر أونهون قائلاً إن المصالحة بين البلدين "معقّدة وصعبة"، وتساءل: «كيف يمكن ربط تصريحات إردوغان الثلاثاء الماضي بعملية عسكرية توحّد بين المناطق الآمنة على امتداد الشريط الحدودي، وبين عملية المصالحة.

 


ونقل الكاتب ترحيب كبير مستشاري رئيس "حزب الشعب الجمهوري" المعارض أونال تشيفيك أوز بالحوار بين دمشق وأنقرة باعتباره "أمراً واقعيّاً"، فيما رأى إحسان تشارالان، في صحيفة "إيفرينسيل" أن التغيير في سياسة الحكومة التركية تجاه سورية هو اعتراف بانهيار "العثمانية الجديدة"، معتبراً أن "ما يجري قد يستدعي القول إن إردوغان عاد إلى طريق العقل، وتخلّى عن فكرة أن السياسة الخارجية أداة للعثمانية الجديدة"، وتساءل أورخان بورصه في صحيفة "جمهورييات" إن كانت الخطوة التركية "عملية فعلية نحو السلام، أم مجرّد جزء من دعاية انتخابية رئاسية لحصد الأصوات لإردوغان، إذ إن سياسة خارجية غير مبدئية ولا تنظر إلى البعيد وتقوم على المصالح الشخصية، مفتوحة على كل الاحتمالات".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=87474