نافذة على الصحافة

معادلة ردع سورية جديدة


رسالة واضحة بعث بها الجيش العربي السوري، وتردد صداها لدى الأمريكيين والأتراك وأتباعهم في المنطقة، حيث نفذ الجيش وبالتعاون مع القوات الروسية العاملة في سورية مناورة تكتيكية عملياتية بالذخيرة الحية، شاركت فيها مختلف أنواع القوات البرية والجوية والبحرية، وصنوف القوات والقوات الاختصاصية في ظروف تحاكي في طبيعتها المعركة الحقيقية.  
 
وبتدقيق تفاصيل المناورة رأى حسام زيدان في مقال نشره موقع قناة العالم أنها تدريبات برسائل سياسية مهمة، وجهت من الشمال السوري إلى تركيا والكيان الإسرائيلي. 
 
وقال الكاتب: إن الرسالة الأساس كانت استمرار تطوير قوة الردع للجيش السوري، وهذا اقتضى التحرك وفق معادلة العلاقة العكسية بين التعافي واستمرار تطوير قدرات الردع في الجيش والمعادلة التركية القائمة على الاستمرار بالتهديد والاعتداءات الإسرائيلية، ما يعني أن تطوير قوة الردع، يقابلها ضعف المعادلة التركية في استمرار التهديد، والعكس صحيح، وهنا يجب أن نتذكر أن الجيش السوري الذي شهد خلال الحرب استهدافاً واضحاً اشتركت فيه كل أجهزة المخابرات من الكيان الإسرائيلي إلى الولايات المتحدة الامريكية وتركيا وبريطانيا وفرنسا، عبر غطاء الجماعات المسلحة والقاعدة وداعش والنصرة، بطريقة ممنهجة ومركزة طوال سني الحرب. 
 
وأضاف الكاتب: إن المتابع للحدث السوري يعلم تماماً أنها ليست المناورة العسكرية الأولى التي ينفذها الجيش، بل سبقها مناورات عديدة اعتمد فيها قادة الجيش إظهار مدى استعداد القوات العسكرية المحمولة جواً، وحدات المشاة والقدرة القتالية للطيارين السوريين، لكن هذه المرة، دخلت البحيرات والمسطحات المائية ضمن المناورة، والسيطرة على ضفاف الأنهار، وقطع الجسور، والتصدي لطائرات مسيرة، ما يوضح أن المعني بالدرجة الأولى هو التركي، أما لجهة اختيار المكان، فكان واضحاً أن لدى القيادة السورية إصراراً على أن تنفيذ المناورة في حلب، لتظهر أهمية هذه المنطقة للدولة السورية، وأن طبيعتها الجغرافية المشابهة تماما للمناطق التي يتم تهديدها والتدريبات فيها يساعد القوات العسكرية على وضع التكتيكات المناسبة وتحسين شروط القتال، كما كان للكيان الإسرائيلي النصيب من هذه الرسائل، فهي توضح أن استخدام تكتيك المعركة ضمن الحروب، لن يجدي نفعا، وأن الجيش السوري الذي يتمتع بخبرات قتالية عالية، بالرغم من محاولات الاستنزاف المستمرة، التي يتعرض لها من الكيان الإسرائيلي أو "المجموعات المسلحة" ومن خلفها تركيا، لم تؤثر على قدراته القتالية العالية، وبالذات في مجال الدفاع الجوي. 
 
وتابع الكاتب: وجه قادة الجيش رسالة واضحة للتهديدات القادمة من تركيا لتعديل سلوكهم، عبر التشكيك بنجاح أهداف التهديدات، الأمر الذي يساهم في تثبيط الأتراك عن محاولتهم، ودفعهم إلى احتساب خطواتهم قبل الإقدام عليها، ويخلق لدى أصحاب القرار هناك تردداً فتخفف معه اللهجة الهجومية العدائية، بالإضافة إلى تقييد حرية عمل الاحتلال التركي وتخفيف حدة تحكمه بفرض قواعد اشتباك. 
 
وختم الكاتب: إن المناورات العسكرية توضح تطوير الجيش السوري عناصر القوة الاستراتيجية، وتثبيت معادلة إسقاط أحد أهم أهداف الحرب، وهو إخراج الجيش السوري من معادلة الردع ضد الكيان الإسرائيلي، الذي حاول  جاهداً عبر وكلائه أو بتدخله المباشر هدم قوة الردع، وفشل بذلك.
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=87137