وجهات نظر

هل سيزور الرئيس بوتين دمشق؟

د. جواد الهنداوي


كتب د. جواد الهنداوي في صحيفة رأي اليوم تحت عنوان " زيارة بايدن إلى المنطقة وخطاب السيد حسن نصر الله.. هل سيزور الرئيس بوتين دمشق بعد طهران؟":

 

صاحبَ زيارة الرئيس بايدن إلى المنطقة والتي ابتدأت بتاريخ ٢٠٢٢/٧/١٢، ثلاثة أحداث تستحق التحليل والاستنتاج.


الحدث الأول هو خطاب السيد حسن نصرالله بتاريخ ٢٠٢٢/٧/١٤ والثاني هو زيارة الرئيس بوتين لإيران في الأسبوع القادم، والحدث الثالث هو مشاركة العراق في لقاء جدة في المملكة العربية السعودية، تلبية للدعوة التي وُجّهت إلى السيد الكاظمي من قبل ولي العهد محمد بن سلمان.


اختار السيد حسن نصر الله توقيت ومضمون خطابه بعناية، وجعل توقيت الخطاب متزامناً مع زيارة الرئيس بايدن إلى "إسرائيل"، وجعلَ أيضاً مضمون الخطاب رداً على مساعي أمريكا و"إسرائيل" بخصوص التطبيع والهيمنة، واستخراج واستثمار الغاز.


مثّلَ خطاب السيد رّدْ محور المقاومة في المنطقة، وليس فقط المقاومة في لبنان، أرادَ السيد إسماع الرئيس بايدن، وهو يزور المنطقة، صوت المقاومة في المنطقة، وصوت المقاومة في لبنان إزاء حقوق لبنان الدولة في ثرواته الطبيعية، النفطية والغازيّة.


تعّمدَ السيد أن يكون حاسماً وواضحاً جداً في موقف المقاومة اللبنانية الرافض لأي ابتزاز أو تجاوز على الحقوق الشرعية لدولة لبنان في ترسيم الحدود وفي الحفر والتنقيب عن الغاز، و قالها صراحة بثبات وعزم المقاومة في موقفها وبغض النظر عن أيّ موقف آخر تتبناه الدولة اللبنانية أو أي حهة لبنانية أخرى.


المواضيع التي تناولها السيد في خطابه كانت جواباً على المواضيع التي جاء بها الرئيس بايدن إلى حلفائه وأصدقائه في المنطقة: جاء الرئيس بايدن من أجل النفط والطاقة، ذكّره السيد بموقف المقاومة إزاء حقوق لبنان في الغاز والطاقة ، واستعداد المقاومة حتى للذهاب إلى خيار الحرب، جاء الرئيس بايدن من أجل تعميق التطبيع مع إسرائيل وتوسيع مساحته ليشمل دولاً أخرى، ذكّره السيد حسن نصرالله بصوت مقاومة "إسرائيل" في المنطقة.

 

لم يوجه السيد خطابه إلى إسرائيل أو إلى الدول العربية المطبعة، بل كان الخطاب موجهاً إلى أمريكا وبشخص رئيسها بايدن، باعتبارهما قيادة المحور الراعي لمصالح إسرائيل في المنطقة.


الحدث الثاني هو الزيارة المقرّرة للرئيس بوتين إلى ايران، والتي تزامنت، ليس بمحض القدر، مع زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة. مثلما حط الرئيس بايدن في إسرائيل سيحّط الرئيس بوتين في إيران، ولا نعلم ربما سيزور الرئيس بوتين دمشق بعد إيران.
زيارة الرئيس بوتين هي أيضاً رسالة إلى الإدارة الامريكية وإلى إسرائيل، وإلى دول المنطقة للتذكير بالدور وبالنفوذ الروسي في المنطقة .


الزيارة المرتقبة للرئيس بوتين إلى إيران حدثٌ لا يسّرُ إسرائيل كثيراً وسيزداد غضبها إذا أكمل الرئيس بوتين جولته في المنطقة بزيارة إلى دمشق .


أعتقد أنّ الأثر السياسي لزيارة بوتين إلى إيران أهم بكثير، بنظر "إسرائيل" وبنظر أمريكا، من موضوع بيع إيران طائرات مسيّرة لروسيا.

 

موضوع بيع الطائرات لروسيا لا يتطلب زيارة الرئيس الروسي إلى إيران ومقابلته خلال الزيارة المرتقبة السيد الخامئني. البعد السياسي للزيارة هو تعزيز الأهداف الاستراتيجية للتحالف الروسي الإيراني في المنطقة.


خطاب السيد حسن نصر الله وزيارة الرئيس بوتين إلى إيران، حدثان يتركان انطباعاً للمتتبع بوجود تنسيق بين أقطاب محور المقاومة في الرد على الأهداف المرجوة من زيارة بايدن للمنطقة.


الحدث الثالث هو مشاركة العراق ،ليس بشخص السيد رئيس الجمهورية ، كما يقتضي مستوى التمثيل الرئاسي للمشاركين في اجتماع الجَدّة ،و انما بشخص السيد رئيس الوزراء.


قد يكون أول مشاركة رسمية وعلنية للعراق في لقاء عربي وأمريكي يتناول بصورة مباشرة وغير مباشرة مصالح "إسرائيل"، وهذا الأمر يعني كثيراً لإسرائيل، حتى بغياب نوايا للعراق نحو اعتراف بـ"إسرائيل" أو إقامة علاقات مباشرة أو غير مباشرة معها. الحضور يخفّف على "إسرائيل" وطأة القانون الذي سنّه مجلس النواب العراقي، بتاريخ / ٢٦ /٢٠٢٢/٥ / والقاضي بتجريم التطبيع مع إسرائيل، و ربما ستطبّل له آلة الإعلام الإسرائلية الحكومية، وستعتبره بعد التضخيم والتآويل إنجازاً سياسياً.


ومشاركة العراق في قمّة جدّة لن تُلزم العراق بأيّ آليات اتصال وتواصل ومصالح مباشرة أو غير مباشرة مع "إسرائيل"، وتدرك أمريكا جيداً حيرتها بأمر العراق فهو قانونياً وشعبياً في حالة عداء مع "إسرائيل"، وله علاقات واسعة وجيدة مع إيران التي تسوّقها أمريكا عدواً في المنطقة.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=86728