نافذة على الصحافة

غطاء أمريكا


يتبع الإرهابيون أسلوب العمليات الخاطفة، وعلى هذا فلم يكن الهجوم الأخير الذي شنه إرهابيو داعش على حافلة للجيش العربي السوري أمراً مفاجئاً، لكن محاولة تتبع نشاط التنظيم الإرهابي ومراكز ثقله وانتشاره، تكشف -كما رأى علاء الحلبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية- عن شبكة متداخلة من العلاقات والمصالح، بالإضافة إلى تحصّنه في "ملاذات آمنة" عديدة.

 

وقال الكاتب: ثلاث عمليات متتالية نفّذها الاحتلال الأميركي في سورية ضد متزعمي "داعش" الإرهابيين "أبو بكر البغدادي" وسلفه "أبو إبراهيم القرشي" وأحد أكبر قادة التنظيم هاني أحمد الكردي في الرقة، حيث كانوا يختبئون في مناطق يستولي عليها الاحتلال التركي في الشمال، وفتحت هذه العمليات الباب أمام تساؤلات عديدة حول سبب اختيار قادة "داعش" مناطق الشمال تحديداً للاختباء، في وقت تشن فيه مجموعات تابعة للإرهابيين هجماتها في أماكن بعيدة نسبياً وسط البلاد، إضافة إلى سبب ارتفاع وتيرة هجماته في الفترة الأخيرة.

 

وأضاف الكاتب: تربط مصادر ميدانية وعسكرية سورية ذلك الارتفاع بمجموعة من العوامل، أبرزها الرغبة الأميركية في ضمان استمرار وجود التنظيم، كونه يؤمّن غطاء لبقاء قوّاتها في سورية، وهو ما تستدلّ عليه المصادر بوجود علاقة واضحة بين قاعدة التنف غير الشرعية التي تتمركز فيها قوات الاحتلال الأمريكي في المثلّث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، وبين الجماعات التابعة لـ"داعش" والتي تختبئ في البادية السورية، ضمن خريطة انتشار معقّدة ومتبدّلة، تعتمد على أسلوب الجماعات الصغيرة التي تعمل بشكل منفصل، ما يجعل القضاء عليها أمراً صعباً، وتشير المصادر ذاتها إلى أن التنظيم ضاعف هجماته وخرج من حالة سكونه فور إعلان الولايات المتحدة بقاء قواتها في سورية بذريعة "محاربة الإرهاب".

 


وتابع الكاتب: في وقت تؤكد فيه دمشق امتلاكها معلومات دقيقة حول ارتباط قاعدة التنف بنشاط إرهابيي داعش عبر تقديم إمدادات عسكرية ولوجستية للتنظيم، تَكشف غارة نفّذتها طائرة روسية على أطراف القاعدة الأسبوع الماضي خلال ملاحقتها إرهابيي التنظيم والصمت الأميركي إزاء هذه الغارة، حقائق متزايدة عن ذلك الارتباط، وترسم الخريطة في سورية بعد مقاطعتها مع نشاط التنظيم، شبكة من المصالح المتداخلة بين إرهابيي "داعش" والقوى على الأرض؛ إذ توفّر المناطق التي يشرف عليها الاحتلال التركي وتتمركز فيها فصائل إرهابية عدّة غير مترابطة بيئة مناسبة لقياديّي التنظيم، الذين يمتلكون في تلك المناطق مراكز إدارة وقيادة ومعدّات اتصال، في وقت تُعدّ فيه البادية مثالية لنشاطهم، بسبب تضاريسها الجغرافية الصعبة ومساحاتها الشاسعة.

 

وختم الكاتب: عبّر مصدر ميداني عن الوضع المعقد بالقول إن ما يجري "يخدم مصالح واشنطن وأنقرة عبر ضمان وجود بؤرة إشغال تستنزف قوات الجيش العربي السوري"، موضحاً أن القضاء على التنظيم "يتطلّب القضاء على الظروف التي تضمن استمراره، وإلّا فإن الهجمات ستستمرّ، وهو ما تدركه دمشق وموسكو، وتستثمره واشنطن، التي تنفّذ بين وقت وآخر عمليات استعراضية".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=86198