وجهات نظر

فتاوى الدم.. من دمشق إلى الرياض

اياد ابراهيم


بعد أن قدمت السعودية لأكثر من ثلاث سنوات أقصى ما يمكنها من دعم مادي وسياسي ومعنوي للمجموعات الارهابية المسلحة في سورية، وفشلت على الرغم من ذلك في تحقيق حلم الوهابية بالاطاحة بالرئيس الأسد وما يعنيه من دولة قوية، باتت مهمة أرباب واشنطن أكثر صعوبة، وأفرز فشلها في سورية ردة فعل لدى الأدوات انقلبت عليها متأثرة بحالة تخبط أصابت مركز القرار السعودي.
فبعد عدة خطوات قامت بها جوقة الملك الحاكم "باسمه طبعاً" لاجراء تعديلات في النهج السياسي وان لم تكن جوهرية، وبعد تغيير رأس المخابرات السعودي بندر بن سلطان "صاحب الملف السوري" وصاحب خطط التمويل والتجنيد والقتل في سورية وغير سورية، حدثت متغيرات على الأرض جعلت بني سعود يخشون ارتداد الأمرعليهم، وبات هاجسهم الخوف من عودة هؤلاء الارهابيين الى السعودية وتطبيق الفتاوى التي تم التحريض بها للذهاب الى سورية وقتال الدولة هناك.
فأمراء الهيكل في أرض الحجاز يعلمون أن المناخ الديني والسياسي الذي أرسوه في السعودية أكثر تطابقاً مع مضامين تلك الفتاوى التي تجعل من الحاكم عدواً ومن الأخ مرتداً ومن الجندي فاسداً يستحق القتل، ومن المرأة عورة أوغنيمة تؤخذ وتعطى، وتجعل من الرجل خروفاً يذبح تحت "بسملة" أفرغتها فتاوى بني سعود الوهابية من حرمتها وقدسيتها، فتاوى وضعت للعبادة هدفاً لا يتجاوز مفاتن امرأة، وصورت الإسلام كدعوة ينال ملبيها كجائزة دوراً في فيلم "بورنو" ملائكي.
بعد فشلهم تنبه أرباب تلك الفتاوى إلى خطورة ما اقترفت أياديهم عليهم أكثر من غيرهم، ورأوا أن الفتاوى التي تجاوزت أعدادها آيات القرآن الكريم، غدت ذات آثار وتداعيات خطيرة على المجتمع السعودي وحكم بني سعود القائم على الدم والنفاق (راجع فيلم ملك الرمال لنجدة أنزور)، الأمر الذي كانت بوادره قد بدأت منذ أسابيع بإعلان بعض هؤلاء الارهابيين الجهاد في السعودية وفقا لتلك الفتاوى ذاتها.
بالتالي فإن السعودية كما هو واضح اليوم بدأت بتغيير طريقة تعاطيها مع الملف السوري وبمراجعة تلك الفتاوى تحسبا مما قلنا ارتداد مفاعيلها الى أهلها.
وما إعلان عجوز الخارجية سعود الفيصل استعداد أسرته  للتعاون مع الجمهورية الايرانية الاسلامية في الملف السوري ومكافحة الارهاب في المنطقة سوى اعتراف صارخ بأن السعودية تريد الخروج من الملف السوري بأقل الخسائر وقبل وصول الإرهابيين اليها والدخول في نفق خطر يمكن أن يهدد وجود آل سعود وحكمهم، خاصة أن مجرى الأحداث يصب باتجاه حلف المقاومة، وأن المجموعات الإرهابية التي أرسلت الى سورية أخذت تدرك ضيق الأفق أمامها، فبدأت تسلم سلاحها مقابل الخروج من البلاد قبل أن تقتل، وهو الأمر الذي يسبب لبني سعود كل الذعر، فهم بطبيعة الحال لا يأبهون لمن أرسلوهم، وما يخيفهم أن لا يقتل هؤلاء لأنهم آنذاك سيعودون إلى الرياض وجدة وخميس مشيط وحفر الباطن وعرعر وربما الى مكة  ولن يعودوا وحدهم، بل سيكون برفقتهم أصدقاءهم بسفك الدم والفتاوى الحرام.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=8604