نافذة على الصحافة

اللعب على الحبلين



باتت تصريحات ميليشيا "قسد" حول الاستعداد للتنسيق مع الجيش السوري بشأن العدوان التركية المحتمل في الشمال اعتيادية مع كل تهديد تركي من هذا النوع، بهدف رمي الكرة في ملعب الحكومة السورية، وسط تساؤلات عن مدى استعدادها هي لتقديم تنازلات حقيقية في الميدان.


وقال أيهم مرعي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية إنه ومع تجدد التهديدات التركية أخيراً، أصدرت "قسد" بياناً حذرت فيه من أن أي هجوم تركي سيعيد الأمور إلى المربع الأول، ويهدد وحدة البلاد، ويؤثّر في الحرب ضد "داعش"، قبل أن تشير في أسطر البيان الأخيرة إلى الاستعداد للتنسيق مع القوات الحكومية لصد الهجوم المحتمل. والظاهر أن البيان كان، في وجه من وجوهه، موجهاً إلى الأميركيين بشكل رئيس للضغط عليهم بهدف منع أنقرة من تنفيذ تهديداتها، وذلك من خلال التلويح بورقتَي مخيمات "داعش" في الحسكة، والتنسيق مع دمشق، وهو أمر لا تريده واشنطن مطلقاً، وبدا الموقف كذلك وفق قراءة البعض محاولة لإحراج السوريين والروس معاً، وتجهيز الاتهامات لهم بالتخلّي عن مهمة الدفاع عن المنطقة.

وتابع مرعي: تقول مصادر مطلعة إنه "على الرغم من دعوة قسد الجيش السوري إلى التنسيق لصد العدوان التركي، إلا أن كلامها لا يزال إعلامياً، خاصة أن التنسيق مع دمشق لا يحتاج إلى دعوات على وسائل الإعلام، في ظلّ سياسة الباب المفتوح التي تتبعها الأخيرة مع كل الوفود التي زارت العاصمة سابقاً"، واعتبرت المصادر أن "تمسك قسد بشروط تعتبرها دمشق خطاً أحمر يمس بوحدة البلاد، وعدم إبداء الاستعداد لتقديم أي تنازلات، هو ما يفشل الحوار، ويجعله من دون جدوى"، و"عدم فك قسد ارتباطها بالأميركيين، على رغم تخليهم عنها في أكثر من مناسبة، هو من الأسباب الرئيسة أيضاً لعدم نجاح الحوار"، وأشارت إلى أن "دمشق لا تحتاج إلى دعوة للدفاع عن أراضيها، وترى في الوجود التركي احتلالاً يجب مقاومته، لكن عدم وجود سلطة إدارية وعسكرية كاملة على المناطق الحدودية، يضع عراقيل أمامها، ويعطي مبررات للاحتلال التركي بشن مزيد من الهجمات".

وأضاف الكاتب: يمكن القول إن "قسد" تريد "التفيؤ" في ظل دمشق، واستثمار وجود الروس لكبح نوايا أنقرة الهجومية، وفي الوقت نفسه الاحتفاظ بأفضل العلاقات بالأميركيين، الذين تَعتبرهم الوحيدين القادرين على فرض شكل إداري وعسكري لمناطق سيطرتها، يمكن الاعتراف به في التسوية النهائية للأزمة السورية، مع تذكير الولايات المتحدة بأن الفراغ الذي تركته في المناطق التي انسحبت منها هو ما فرض التقرب من موسكو ودمشق.

وختم الكاتب: إن مرد اللّيونة التي تبديها ميليشيا "قسد" فهمها رسائل واشنطن الواضحة بعدم قدرة الأميركيين على منع أي هجوم تركي على مناطق لا يوجدون فيها، وهذا يعني أن أي عودة أميركية مفاجئة إلى ريف حلب والرقة ستُقابل بنسف "قسد" تصريحاتها بخصوص التنسيق مع الجيش، والعودة إلى الاحتماء بالأميركيين مجدداً، فيما تريد دمشق من الميليشيا الاستفادة من التجربة الحالية، وإدراك أن الوجود الأميركي في سورية ليس أبدياً، وأن فك الارتباط بالأميركيين سيثمر حلولاً تنعكس إيجاباً على الجميع. 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=85970