نافذة على الصحافة

خطاب العقلانية



درجة كبيرة من الأهمية في التوقيت وما حوت من مواقف اتسمت بالعقلانية والثقة، والقراءة الدقيقة؛ بهذه الكلمات رأى الكاتب عبد الباري عطوان مقابلة السيد الرئيس بشار الأسد مؤخراً مع قناة "روسيا اليوم".


عطوان وقف في مقال في صحيفة رأي اليوم على نقاط عدة في المقابلة، لما تعكسه من تغير "إيجابي" في النهج السوري على الصعيدين العربي والدولي، وقال إن النقطة الأولى هي تأكيده أن سورية ستقاوم أي غزو تركي لأراضيها على الصعيدين الرسمي والشعبي، ولن تقبل بإقامة ما يسمى بالمناطق الآمنة، والجيش السوري كبد نظيره التركي خسائر كبيرة في مواجهات جرت قبل عامين.


والثانية هي أن تحرير إدلب سيتم في نهاية المطاف، والشيء نفسه يقال عن مناطق شرق الفرات، والمشكلة تكمن في العملاء الذين يتعاونون مع الغازي، وستجبر المقاومة الشعبية القوات الأمريكية المحتلة على الانسحاب عاجلًا أو آجلًا.

أما النقطة الثالثة فهي أن علاقة سورية مع إيران أو أي دولة أخرى غير قابلة للنقاش مع أي جهة في هذا العالم، ولا أحد يحدد لسورية مع من تبني أو لا تبني علاقات، وكثير من الدول التي كانت تطرح موضوع العلاقات السورية مع إيران وتريد قطعها (مقابل عشرات المليارات من الدولارات) هي نفسها التي تحاور إيران هذه الأيام، وفي النقطة الرابعة أن سورية لم تخرج من الجامعة العربية بل ما زالت موجودة فيها، ما حدث هو تجميد عضوية، سورية بقيت في مكانها، ولم تخرج من أي باب عربي واسع أو ضيق حتى تعود، وما زالت تتعامل مع القضايا بطرقها الخاصة، وحسب رؤياها، والخامسة هي أن سورية ليس لديها أي “حقد” تجاه الدول التي تخلت عنها في أزمتها، لأن الحقد لا يؤدي إلى أي شيء وهو من شيم الصغار، الخسارة حصلت، والدمار حصل، الدماء نزفت، والعتاب لن يغير أي شيء، ودعونا ننظر إلى المستقبل، أما الاسادسة فهي أن الوزن الوحيد للقمة العربية المقبلة يأتي من كونها ستعقد في الجزائر الدولة التي نقيم معها علاقات تاريخية ومنذ اليوم الأول لاستقلالها، والسؤال هو ماذا ستفعل الجامعة العربية، هل ستستمر على نهجها الذي سارت عليه في السنوات العشر الماضية في تشريع التدخل في سورية وليبيا وتدميرها، أم ستتبنى نهجاً مُختلفاً؟

وتابع الكاتب: هذا الخطاب الرسمي السوري الجديد يتسم بالعقلانية، والقراءة الصحيحة للأوضاع على الأرض، مثلما يتسم أيضاً بضبط النفس، وعدم الانفعال، والصبر الاستراتيجي بعيد المدى، والقراءة الصحيحة للتطورات السياسية في المنطقة والعالم، والتسامي عن الأحقاد، دون التخلي عن القيم والمبادئ والرؤى المتجذرة، وربما هذا ما يفسر ما حققته سورية وجيشها من إنجازات على الأرض رغم الحصار والمؤامرات والطعنات في الصدر والظهر، وضخ مئات المليارات من الدولارات بهدف التخريب والتفتيت للوحدتين الأرضية والوطنية.

وأضاف الكاتب: ثبت أن التحالفات الإقليمية والدولية التي نسجتها القيادة السورية، مع إيران أو روسيا الاتحادية، كانت وما زالت الخيار الصائب، فهذه الدول إلى جانب الصين كانت الخيار الأمثل، فها هي روسيا تنتصر اقتصادياً وسياسياً في حربها "الاستباقية" في أوكرانيا، وها هي الصين توشك أن تتربع على عرش العالم في ظل التراجع الأمريكي، أما إيران التي قاتلت بالدم على الأرض السورية فقد أصبحت قوة إقليمية عظمى، تعتمد على التسليح الذاتي، وأصبحت تشكل تهديداً وجودياً لكيان الاحتلال الإسرائيلي.

وختم الكاتب: صحيح أن الظروف المعيشية صعبة، والمعاناة الشعبية متصاعدة ومؤلمة، وكل هذا بسبب حصار قانون قيصر الأمريكي الإسرائيلي، إلا أن الصحيح أيضاً أن سورية صمدت، واستعاد جيشها العربي معظم أراضيها، وبدأت السير على طريق التعافي ولو ببطء.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=85911