لم يكن مستغرباً أن تتخلى الولايات المتحدة الأمريكية عن عملائها فهذا دأب السياسة الأمريكية على اختلاف إداراتها، وإذ تتراجع قوات الاحتلال الأمريكي ميدانياً ويزداد الخطر التركي، استدارت ميليشيا قسد المدعومة من الاحتلال الأمريكي خلال الأسبوعين الماضيين نحو دمشق، وبدأت تبحث عن سبل الدخول في صفقة معها.
ويرى علاء الحلبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية أن تلك الاستدارة تجلت بوضوح في التصريحات المكثفة التي أدلى بها مسؤولو الميليشيا خلال اليومين الماضيين، حول ضرورة العمل المشترك مع الجيش السوري للتصدي للتهديدات التركية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أن هذا الانفتاح سببه في المقام الأول الخيبة التي منيت بها ميليشيا قسد من الولايات المتحدة، التي لم تبدِ أي رد حقيقي على التهديدات التركية، وتكشف المصادر أن "واشنطن أبلغت قسد أن تركيا تنوي فعلاً مهاجمتها، وأن الضخ الإعلامي المكثف حول سورية قد يتحول إلى هجوم فعلي خلال الأيام المقبلة"، ما دفع الميليشيا إلى عقْد سلسلة اجتماعات تم الاتفاق فيها على التنسيق مع الحكومة السورية.
وأضاف الكاتب: يظهر السياق العام للتطوّرات الميدانية والعسكرية أن ميليشيا قسد باتت على قناعة بضرورة تسليم منبج وتل رفعت للجيش السوري، أو على الأقل إيجاد صيغة ما تضمن خضوع هاتَين المنطقتين لسيطرته، خصوصاً أنهما تمثلان جزءاً من اتفاق روسي - تركي مرتبط بإدلب، وهذا يعني أن خطوة تسلم الجيش السوري لمنبج وتل رفعت، في حال تحققت فعلاً، ستتبعها خطوة أو أكثر في إدلب.
وختم الكاتب: لا تُعتبر استدارة "قسد" الحالية نحو دمشق أمراً جديداً، حيث تقلبت العلاقات مرات عديدة، من دون أن تستقر على اتفاق واضح، بسبب ما تَعتبره دمشق «ارتهان مسؤولي قسد للولايات المتحدة الأميركية»، بالإضافة إلى محاولة وضع شروط مسبقة على أي حوار، وهو ما ترفضه دمشق، بيد أن هذا الانفتاح الأخير قد يكون مختلفاً؛ إذ يتناول الطرفان وبحضور روسي ملفات ميدانية ساخنة قد تضع أرضية يمكن أن يبنى عليها حوار بناء، ما لم تعبث الولايات المتحدة بهذه الاتفاقات كعادتها.
وأضاف الكاتب: الظاهر أن روسيا ترفض حتى الآن منح أي ضوء أخضر للأتراك لشن هجومهم، على عكس الجانب الأميركي الذي قد لا يمانع تزكية العملية التركية، شريطة ألا تكون ضمن المناطق التي تنتشر فيها قوات احتلاله في دير الزور والحسكة، واعترفت وسائل إعلام تركية بأن الاستعدادات للهجوم المخطط له في منطقة عين عيسى توقفت، بسبب عدم موافقة روسيا عليه، وإرسالها تعزيزات عسكرية إلى تلك المنطقة. |
||||||||
|