نافذة على الصحافة

هل يتراجع أردوغان؟


بعد كثرة الحديث عن اعتداء عسكري تركي مرتقب في الشمال السوري رأى علاء الحلبي في مقال نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية أن التحركات العسكرية على الأرض لا تشير إلى وجود تحضيرات حقيقية لبدء أي عمل من هذا النوع.

 

وقال إن التهديد بشن عملية عسكرية في سورية لا يعد أمراً جديداً على رئيس النظام التركي الذي توعد بهجمات مماثلة مرات عديدة خلال العامَين الماضيَين، تم في بعضها تحديد خطوط سير العمليات والمناطق المراد احتلالها، قبل أن يغلَق المخطط بشكل تدريجي، ويوضع على الرف لاستعماله في مناسبات أخرى، كان آخرها محاولة استثمار الظروف الدولية التي خلقتها الحرب الروسية في أوكرانيا، ورغبة واشنطن في إعادة أنقرة إلى حضنها وإبعادها عن موسكو، بالإضافة إلى محاولة الضغط على روسيا عبر ضم السويد وفنلندا إلى الناتو.

 

وأضاف الكاتب: على الرغم من ابتعاد تركيا هذه المرة عن تحديد أي خطوط واضحة لعمليتها العسكرية التي تقول إنها تسعى لتنفيذها، واستعمال أردوغان ومجلس الأمن القومي التركي كلمات فضفاضة لا تضرب أي موعد لها، كثفت وسائل الإعلام التركية نشاطها الترويجي "للهجوم التركي" الذي اعتبرته مرتقباً، وهو ما تُظهر مجريات الأحداث على الأرض وقائع مخالفة له تماماً، إذ لم يتم اتخاذ أي ترتيبات عسكرية مماثلة لتلك التي كانت قامت بها تركيا خلال اعتداءاتها العسكرية الثلاثة السابقة في سورية (غصن الزيتون، ونبع السلام، ودرع الفرات)، ويعني ذلك وفق مصادر الصحيفة أن أنقرة لم تتمكن حتى الآن من الحصول على ضوء أخضر لشن عمليتها، ما يبقي الحديث في نطاق التصريحات السياسية لا أكثر.

 

وتابع الكاتب: الملاحَظ أن تركيا وعلى خلاف عادتها في استثمار ملف الشمال السوري للضغط على واشنطن أو موسكو، لم تعمد هذه المرة إلى أي إجراءات، بل اكتفت برفع وتيرة القصف الجوي والمدفعي على بعض المناطق داخل الأراضي السورية ما يعني أنها كانت منذ البداية تدرك استحالة تنفيذ عمليتها، وأن التصريحات السياسية جاءت في نطاق الضغط السياسي لتحصيل مكاسب، بالإضافة إلى استعمال التهديدات للاستهلاك الإعلامي في الداخل التركي، وفي السياق ذاته، يلاحَظ استثمار موسكو زيادة التوتر أخيراً على خلفية التهديدات التركية، لتكثيف حضورها في الشمال السوري، حيث أرسلت تعزيزات عسكرية إلى مناطق انتشارها في ريفَي حلب والرقة، في حين تقوم الطائرات الروسية بتحليق دوري ومكثّف على طول خطوط التماس.



وختم الكاتب: وفق المسار الذي تشير إليه التطورات السياسية والميدانية، بات خيار تراجع تركيا بشكل تدريجي عن حديثها حول شن عمل عسكري في سورية أكثر ترجيحاً، في ظل استحالة المضي قدماً في عمليات التحشيد الكلامي غير المتسقة مع ما يجري على الأرض، وما يعزز ذلك الاحتمال رفض الولايات المتحدة العلني أي هجوم جديد.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=85642