نافذة على الصحافة

لبنان.. حقائق أم رواج؟



في بلد لا فرق فيه أحياناً بين الخلاف والاختلاف، يحتل سياسيون ونخبٌ الشاشاتِ ووسائلَ التواصل الاجتماعي ليروجوا لمعلومات مغلوطة تروج حتى ليظن أصحابها أنها حقيقة مطلقة، خطورة هذه الظاهرة تحدث عنها كمال خلف في مقال نشرته صحيفة رأي اليوم، مؤكداً أن الأخطر هو أن ما يقوله هؤلاء صباح مساء ومنذ سنوات، أصبح يتردد على ألسنة شريحة من العامة، باعتباره حقائق.

ويقول الكاتب: إن تلك المقولات أو المصطلحات قد يكون عمرها في هذا الفضاء المحلي سنوات عدة، بيد أن لبنان اليوم بما يشهده من طقس انتخابات، تتكثف فيه الحملات الإعلانية والإطلالات التلفزيونية، فإن تلك المقولات احتشدت وتكررت وفي مضامينها جهل وغرابة مثيرة للشفقة فعلاً.

وأضاف الكاتب: ومن قائمة تلك المصطلحات في المرتبة الأولى مصطلح "حزب السلاح" الذي يطلقه البعض على حزب الله من باب الشتيمة والخصومة؛ وتساءل الكاتب: متى كان امتلاك السلاح لحركة مقاومة لتحرير الأرض معايرة معيبة؟ وهل ينظر حزب الله أو جمهوره الى السلاح باعتباره شيئاً معيباً يخجل منه، أم مفخرة حققت لهم ولبلادهم تحرير الأرض والقرى والبلدات، واستعادة لكرامة الإنسان من قوة عسكرية غاشمة ومعتدية؟

وتابع الكاتب: ومن تلك القائمة أيضاً في المرتبة الثانية مقولة تنم عن جهل وندرة معرفة من جانب، وفوقية فارغة من جوانب أخرى وهي التعبير الرائج من بعض النخب اللبنانية التي تسود الشاشات "لا نريد للبنان أن يكون مثل إيران"، هذا المصطلح الذي يستعمله البعض مستفز حضارياً وإنسانياً فضلاً عن كونه مجافياً للحقيقة والواقع، وهذه المقولة تتجاهل الحضارة والتاريخ الإيراني العريق، والأهم الحاضر الراهن، ومن المقولات الرائجة أيضاً "الاحتلال الإيراني للبنان"، ربما تحتل هذه المقولة الصدارة في القائمة من حيث استعمالها وتكرارها، حتى صارت مثل حبة الدواء "ثلاث مرات في اليوم بعد الأكل" بالنسبة إلى الذي يشاهد وسائل الإعلام المحلية، وهذا المصطلح تجاوز الاستعمال في الخطاب السياسي وذهب البعض لتشكيل مجلس أو هيئة لـ"مقاومة الاحتلال الإيراني في لبنان" وأطلقوا على أنفسهم صفة مناضلين، وصار لهم قضية أهم من القضية الفلسطينية.

وختم الكاتب: هناك الكثير من المصطلحات الرائجة تشابه ما ذكرناه، واللافت أن من يتحدثون بهذه المقولات يقولونها بفخر وبنبرة عالية، وهم غير مدركين أن مضمون ما يقولونه مثير للشفقة.. الشعب اللبناني شعب ذكي وناضج، وخاض تجارب ومحناً كثيرة، واعتاد بائعي المصطلحات في حقب مختلفة.. هؤلاء أنفسهم هم بائعو مصطلح "سوا ربينا" عندما كان الجيش السوري في لبنان، وأصبحوا الآن بائعو مصطلح جديد "الاحتلال السوري للبنان" بعد أن غادرت سورية، فمن يشتري بضاعتهم.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=85324