نافذة على الصحافة

من الدفاع إلى الهجوم



يعكس التوقيت الزمني لزيارة الرئيس بشار الأسد إلى الجمهورية الإسلامية في إيران مدى أهميتها، وجاءت بعد سلسلة من التحركات الإقليمية، أهمها التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني ومصالحات إردوغان مع دول معادية لسورية وإيران.

وتزامنت الزيارة بحسب مقال لحسني محلي في موقع الميادين مع الضجة في تركيا، إعلامياً وسياسياً، فيما يتعلق بوضع اللاجئين السوريين، الذين قال عنهم إردوغان، في آخر تصريح متناقض له: "لن نرسلهم إلى سورية إلّا برضاهم، وسنستمر في حمايتهم هنا وفي سورية، وسنبقى هناك (في سورية)".

وقال الكاتب: تصريحات إردوغان هذه عدها المراقبون "تحدياً منه للمعارضة في الداخل، و(للأعداء) في الخارج"، وفي مقدمتهم روسيا وسورية وإيران، على اعتبار أنه لا يريد حل الأزمة السورية، في كل تبعاتها الداخلية والخارجية، وهو يُصرّ على أن يكون صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير مصيرها، كذلك في تقرير مصير مياه دجلة والفرات، التي يبدو أنها ستكون قضية المرحلة المقبلة، بعد تعبير الوزير الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن قلقه وقلق العراق من بناء السدود التركية على النهرين المذكورين.


وتابع الكاتب: المعطيات والتطورات المحتملة قبل القمة "الإسرائيلية" – العربية وخلالها وبعدها، والتي يخطط لها الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر المقبل، يبدو واضحاً أنها كانت سبباً مهماً في قرار الرئيس الأسد زيارة طهران بصورة مفاجئة، من أجل الاتفاق معها على مزيد من علاقات التحالف الاستراتيجي. ويفسّر ذلك قلق إيهود باراك وأمثاله من "النهاية الحتمية المحتملة لـ"إسرائيل" قبل الاحتفال بالذكرى الثمانين لقيام الكيان". وهو ما يعني انتقال الثنائي السوري - الإيراني من حالة الدفاع إلى موقع الهجوم ضد أيّ تحالفات إقليمية ودولية جديدة تستهدفهما، كما تستهدف لبنان واليمن والمقاومة الفلسطينية. وكل ذلك بدعم روسي غير معلَن بعد الفتور والتوتر في العلاقات بـ"تل أبيب" وأنقرة، اللتين تخدمان معاً واشنطن ولندن، بصورة مباشرة وغير مباشرة.

وأضاف الكاتب: حملت زيارة الأسد في طياتها عدداً من الرسائل الواضحة إلى من يهمه الأمر، فزيارة الأسد سبقت الزيارة التي من المتوقع أن يقوم بها أمير قطر تميم آل ثاني لطهران لينقل منها الرسائل الإيرانية (والسورية) إلى كل من باريس ولندن، اللتين سيزورهما بعد طهران، من دون أن يُهمل الاتصال بحليفه الاستراتيجي إردوغان، ولا تعني كل هذه المعطيات أن الثنائي السوري - الإيراني لا يريد السلام والاستقرار إذا سعت من أجلهما الأطراف الأخرى بناءً على نيّات صادقة، وهو ما يفسر إصرار طهران على الحوار مع الرياض عبر الوسيطين العراقي والعُماني، وما سينتج منه من زيارة محتملة سيقوم بها الرئيس الإيراني لدولة خليجية، قد تكون الإمارات أو السعودية، وهي الخطوة التي ستشكّل المفاجَأة الأكبر بالنسبة إلى الجميع، وحينها سيرون "أي منقلب سينقلبون"، وإلّا فالمواجهة ستكون حتمية وشاملة، وهذه المرة بوجود إيراني أكثر فعالية وقوة وتأثيراً في سورية، مهما تكن التهديدات الإسرائيلية، التي قد يكون الرد السوري عليها أكثر فعالية بضوء أخضر روسي ما دامت موسكو في حاجة إلى دمشق في حربها الكونية ضد الحلف الأطلسي ومن معه إقليمياً ودولياً، وقد يجعل كل ذلك من إيران حليفاً استراتيجياً لروسيا، والفضل في ذلك يعود إلى سورية.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=85270