نافذة على الصحافة

غضب سوري وعراقي


 
 
لا يمكن أن يكون هناك تعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع نظام إرهابي يدعم الإرهاب ويدربه وينشره في المنطقة والعالم، بهذه الكلمات خرجت وزارة الخارجية والمغتربين نافية وجود أي اتصالات مع تركيا كما يزعم بعض المسؤولين فيها.
 
عبد الباري عطوان قال في مقال نشرته صحيفة رأي اليوم إن هذا الغضب الرسمي السوري يأتي رداً قوياً على ما ذكره وزير خارجية النظام التركي عن إمكانية التعاون مع سورية في مكافحة الإرهاب.
 
وأضاف عطوان: ولم يكن من قبيل الصدفة أن يتطابق هذا النفي السوري مع آخر عراقي على ادعاءات للرئيس أردوغان تقول إن الغارات الجوية التي تشنها القوات والطائرات التركية في شمال العراق تحظى بدعم الحكومة العراقية.
 
وتابع: الرئيس التركي يواجه أزمات اقتصادية وأمنية متفاقمة هذه الأيام، حيث استأنفت الجماعات المقربة من حزب العمال الكردستاني حسب الرواية الرسمية، هجماتها في إسطنبول وبعض المدن التركية الأخرى، خاصة بورصة السياحة الشهيرة، ولذلك لا يريد إقناع الشعب التركي الذي بات يتململ قطاع عريض منه من سياسات حزب العدالة والتنمية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية العام المقبل، وباتت استطلاعات للرأي ترجح ارتفاع حظوظ أحزاب المعارضة.
 
وقال عطوان: الادعاء بدعم حكومي عراقي للهجمات الأخيرة في الأراضي العراقية، وموافقة ضمنية سورية لأخرى في الحسكة في الشمال، الهدف منه محاولة "إضفاء" نوع من الشرعية على هذه الهجمات التي تشكل انتهاكاً لسيادة البلدين لامتصاص الغضب في بعض أوساط الرأي العام التركي تجاهها.. هذه العمليات العسكرية التركية في البلدين الجارين (سورية والعراق) ستوحدهما في جبهة واحدة ضد أنقرة.
 
وأضاف: تعاطي الرئيس أردوغان مع الحكومتين السورية والعراقية الذي يتسم بالكثير من الغطرسة والفوقية سيعطي نتائج عكسية سلبية على الأمن الداخلي التركي، ما يعني عدم الاستقرار وضرب القطاع السياحي الذي يعود على الخزانة التركية بما يقرب من الخمسين مليار دولار.. الرئيس أردوغان يعيش مأزقاً داخلياً وخارجياً شائكاً بعد إدراكه أن سياسة اللعب على جميع الحبال، وخاصة في الأزمة الأوكرانية باتت تعطي نتائج عكسية، وترتد سلباً على تركيا وأمنها واستقرارها، فروسيا لا يمكن أن تنسى له بيعه طائرات البيرقدار المسيرة لأوكرانيا التي ساهمت في قتل جنودها، وأن سياسة الحياد والرغبة في الوساطة التي تخفي خلفها خدعة لن تنطلي عليها، والشيء نفسه يقال عن كل الدول التي حاول أن يصفر مشاكله معها فثقتهم به شبه معدومة نظراً لتقلباته السياسية.
 
وقال الكاتب: الرئيس بوتين قدم لأردوغان سلماً طويلاً وصلباً للنزول عن الشجرة في الأزمة السورية عندما عرض عليه في قمة سوتشي الثنائية إحياء اتفاق أضنة عام 1998 بين البلدين الذي يكرس التعاون الجدي بينهما للتصدي للإرهاب ويحقق أمنهما، وكان صفحة جديدة في العلاقات حققت ازدهارهما، ولكن أردوغان رفض هذه المبادرة وتهرب منها، لأنه لا يريد إغضاب حلفائه الذين تخلى عن معظمهم لاحقاً، والانسحاب بالتالي من الأراضي السورية، وعودة سيادة الدولة إليها.
 
وختم عطوان: مشكلة الرئيس أردوغان الكبرى أنه يقدم مصلحته الشخصية على مصلحة تركيا وأمنها واستقرارها، ولهذا مستعد أن يقدم تنازلات خيالية لكل خصومه، ولكن عندما يتعلق الأمر بسورية هو الاعتراف بالهزيمة ولن يهدأ له بال ليسقط سورية حتى لو تدمرت تركيا وتحولت إلى دولة فاشلة تعمها الفوضى وانعدام الأمن والاستقرار.
 
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=84978