نافذة على الصحافة

لا مفر من الاجتماع


 
 
لا تزال عمليات ميليشيا "قسد" التابعة للاحتلال الأمريكي في الشمال السوري تثير تساؤلات عن  طبيعتها وارتباطها بما يجري على مستوى الإقليم، وفي هذا كتب أحمد الدرزي في موقع الميادين نت أن العلاقة المتجذرة بين دمشق وقوات حزب الاتحاد الديمقراطي الَّذي يمثل الوجه السوري لحزب العمال الكردستاني تعرضت لتقلبات متعددة، كانت إيجابية في أغلبها، وتغيّر الموقف بعد اندلاع الحرب في سورية، فشهدت العلاقات في البداية تعاوناً كبيراً في الشمال السوري، وصل إلى حد انسحاب الجيش السوري من مناطق واسعة، لجمع قواته في المناطق الأكثر حساسية، وترك الفراغ لتملأه الوحدات بالسلاح السوري. 
 
وتابع الكاتب: لكن المشهد تغير بين الطرفين بعد العام 2014، وبعد دخول تنظيم "داعش" في الحرب، ما شكل ذريعة لدخول الجيش الأميركي، بحجة مكافحة الإرهاب، واستثمر قادة الحزب الاحتلال الأميركي، وتوسعت مجالات سيطرتهم على كامل الجزيرة السورية، وصولاً إلى منطقة البوكمال على الحدود العراقية السورية، بغطاء جوي أميركي، ووضع اليد على حقول النفط والغاز ومنشآت حقل غاز الطابية كونيكو، إضافة إلى القيمة الزراعية الضخمة للمنطقة، التي تُعتبر السلة الغذائية لكل سورية.
 
وأضاف الكاتب: لكن أوراق القوة بدأت بفقدان ميزاتها، وخصوصاً بعد الانسحاب الأميركي المذل من أفغانستان، بموازاة هاجس فقدان الثقة بالأميركيين، الذين سمحوا للجيش التركي بالتوغل في منطقة جرابلس، ومن بعدها احتلال عفرين وطرد أهلها، إضافة إلى كل ذلك، أدرك القادة الكرد أن "نتائج الحرب الأوكرانية ستترك آثارها في العالم أجمع"، وأيقنوا أن "روسيا لا يمكنها أن تخسر الحرب، وليس أمامها سوى الانتصار، ما يدفع إلى إنتاج نظام عالمي جديد، عماده الصين وروسيا والهند وإيران"، وأن محاولات الولايات المتحدة استغلال انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية لجمع قوى الشمال السوري وترتيب المنطقة لن يكون قابلاً للحياة فيما بعد.
 
وقال الكاتب: ربما ازدادت قتامة المشهد الإقليمي بالنسبة إلى الكرد بعد انفتاح دولة الإمارات العربية المتحدة على دمشق، وقرب انفتاح المملكة العربية السعودية ومصر عليها أيضاً، وبدورها؛ فإن دمشق لا تستطيع الانتظار أكثر، وقد زادت الضغوط الاقتصادية على السوريين في مناطق سيطرتها، وضاقت سُبل الحل، وفي ظل هذه الأجواء الملبدة داخلياً وإقليمياً ودولياً، تجري المفاوضات بين دمشق والقامشلي، ويتم فيها "استخدام الضغوط المتبادلة بين أحياء الأشرفية والشيخ مقصود ومنطقة الشهباء في حلب (يقطنها قرابة 300 ألف من كرد وعرب)، ومناطق وجود الحكومة السورية في مدينة القامشلي"، وهي مفاوضات كسابقاتها، لم ترتقِ إلى المستوى الاستراتيجي لإيجاد حلٍ نهائي "للانفصال الواقع بين ضفتي نهر الفرات"، وما زالت محصورة في المسائل الحياتية اليومية، لتيسير سبل التبادل التجاري والمسائل العالقة التي تسمح بحرية أكبر للانتقال وتوفر أجواء آمنة لحركة الأشخاص.
 
وختم الكاتب: على الرغم من كل ذلك، فإن دمشق وكردها لم يذهبوا نحو "المواجهة العسكرية"؛ فالطرفان حريصان على عدم استخدام السلاح بينهما، لإدراكهما بأن لا مفر في النهاية من الاجتماع تحت سقف الوطن السوري مهما طال الزمن.
 
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=84889