نافذة على الصحافة

خيارات أميركا في سورية




أيقنت الولايات المتحدة الأميركية أنها لن تسقط سورية، ولن تمتلك موطئاً في تحديد خياراتها الاستراتيجية أو قراراتها السيادية، فقررت –كما رأى الباحث الاستراتيجي العميد أمين حيطيط في مقال في جريدة البناء- اعتماد استراتيجية انتقاميّة ترمي الى تحقيق ٣ أهداف خبيثة.

وقال حطيط إن أول تلك الأهداف منع سورية من استثمار انتصارها والعودة إلى الحياة الطبيعية، الثاني منع سورية من إطلاق عملية إعادة البناء واستعادة ما دمّرته الحرب، والثالث منع سورية من العودة إلى موقعها المؤثر إقليمياً وعربياً.. بيد أن سورية وكما واجهت الخطة الأميركية الأساسية والعدوان الكوني عليها، قررت أيضاً مواجهة الخطة العدوانية الجديدة بالقدر الممكن الذي تتيحه الظروف الذاتية والإقليمية والدولية وأطلقت استراتيجية دفاع جديدة تقوم أيضاً على أركان ثلاثة الأول استعادة من ضلّ وابتعد من الشعب الى كنف الدولة ضمن إطلاق البرنامج الوطني للتسويات عبر العفو والمصالحة، والثاني الإعداد والاستعداد الميدانيّ لاستكمال عملية التطهير والتحرير وعلى وجهيها الشعبي المقاوم والعسكري النظامي المتحشّد في محيط المناطق المحتلة، والثالث الاستفادة من الفرص الإقليمية والدولية التي تتاح لإحداث اختراقات في الحصار والعلاقات العربية الدولية.


وأضاف حطيط: استندت أميركا في التنفيذ إلى عناصر ميدانية ثلاثة تعمل برعايتها ضمن حدود رسمتها لهم مع إبقاء التنافر والتضاد والخلاف الظاهر بينها لغايات أميركية تنافسية تجعل من أميركا مرجعتيهم الدائمة التي تحافظ عليهم جميعاً وتمنع أياً منهم اجتثاث الآخر، فالكل حاجة أميركية لخدمة المصالح الأميركية.. وفي النتائج الأولية للمواجهة، ورغم استمرار الاحتلال الأميركي والتركي في الشمال الغربي والنفوذ الانفصالي في الشمال الشرقي، فقد عجزت أميركا عن تحقيق أغراضها وتبينت لها مدى محدودية مفاعيل استراتيجيتها الجديدة البديلة.

وتابع حطيط: في ظل هذه النتائج السلبية من الوجهة الأميركية أطلقت روسيا عمليتها الخاصة في أوكرانيا دفاعاً عن أمنها القومي وأمن الروس عبر الحدود غرباً، عملية كانت أميركا في البدء تتمناها من أجل إغراق روسيا في حرب استنزاف تنهك قواها وتشغلها عن ميادين الصراع الدولي، ومنها سورية، وتمكن أميركا من المحافظة على الوضع غير الطبيعيّ في الشمال السوري بما يمكنها من الاستمرار في الوجود الاحتلالي ومن متابعة سرقة النفط والثروات الطبيعية السورية لمنع سورية من الوصول إليها واستعمالها لتخفيف آثار الحرب الاقتصاديّة التي تشنّ عليها.. ويبدو أن اميركا تريد أن تعوض العجز الذي تستشعره في أوكرانيا بتحريك وتصعيد الوضع في سورية لتظهر قوتها وقدرتها المتواصلة على التأثير وإبقاء زمام الأمور والمبادرة بيدها، من خلال تحريك أدواتها في سورية كل في المجال الذي يقدر عليه كما بات ظاهراً، ولهذا فإنها ومع استمرار احتلالها وسرقتها للنفط والثروات السورية شرقي الفرات، فإنها كما يبدو شرعت او تستعد لتحريك أدواتها تلك؛ وهي داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، وميليشيا قسد، والاحتلال التركي وهو إلى جانب الاحتلال الأميركي الوجه الأخطر من وجوه العدوان الأجنبي المركب بقيادة أميركية لما ينطوي عليه من قضم للأرض وانتهاك للوحدة وتغيير ديمغرافي في الشمال السوري.

وختم حطيط: ويبدو أن أميركا بصدد إفساح المجال أمام هذا الاحتلال للتوسع شرقاً باتجاه الحدود العراقية لتحقيق الهدف التركي القديم والمتمثل بإقامة حزام بعمق ٥٠ كلم وعرض ١٢٠ كلم في داخل الأراضي السورية، وقد تكون أميركا بحاجة إلى هذه العطية لتركيا لتأخذ منها مقابلاً في القضية الأوكرانية إما ابتعاداً أكثر عن روسيا أو تسليحاً لكييف أو الأمرين معاً.


 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=84774