تحقيقات وتقارير

"كاتيوشيا".. أسطورة خالدة في تاريخ الموسيقى


خاص || رقية الملحم

 

تغني الأم لطفلها أغنية لطيفة فيهدأ وينام.. يلجأ المتعب إلى سماع الموسيقى فيشعر أنّ حالته باتت أفضل.. يمكن الحديث في هذا السياق عن دور الموسيقى في حياتنا
فحياة كل فرد موسيقى تصدر من أوتار مختلفة وآلات متعددة، فإذا تناغمت أنتجت صوتاً جميلاً وكانت السعادة، وإن تنافرت أنتجت صوتاً قبيحاً وكان الشقاء.

وتشبه الموسيقى حياتنا بأطوراها المختلفة كالبداية، وتصاعد الأحداث، والذروة والنهاية، ولعلك قد سمعت أن الموسيقى غذاء الروح.. لا بل هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تبقي على أرواحنا حية وقادرة على أن تقف في وجه هشاشة العالم وزيفه، وهي الوحيدة القادرة على أن تحمي ذواتنا من الاندثار، إضافة إلى كونها انعكاساً للحالة السياسية والاجتماعية للشعوب التي أنتجتها.


يقولون "الموسيقى هي لغة النفوس".. ففي حضرتها ستشعر بمزيج من الأفكار والأحاسيس، فلم يكن عبثاً اللجوء إلى الموسيقى زمن الحروب فقد وثق التاريخ أن أصوات الآلات الموسيقية على وداعتها وجمالها، عزفت موسيقاها في مدنٍ تتعرض للدمار كدليلٍ على أثر الموسيقى على الإنسان في أحلك لحظات حياته.

وفي هذا التقرير يلقي الإعلام تايم نظرة على أشهر أغاني المقاومين حول العالم :

أغنية كاتيوشا.. الحسناء والصاروخ

هي أغنية روسية ذاع صيتها في بلدان الاتحاد السوفيتي سابقاً، وتتلخص قصة الأغنية كما تخبرنا الموسوعات في انتظار صبية اسمها "كاترينا"، لحبيبها الجندي الغائب لخدمة بلاده خلال الحرب العالمية الثانية، إذ غادر الكثير من الرجال زوجاتهم وصديقاتهم للمشاركة في الحرب دفاعًا عن الأرض، بينما تحولت الأغنية فيما بعد لشرارة فجرت حماسة المقاومين في أماكن مختلفة من العالم ضد الاحتلال، كما أطلق اسم الأغنية (كاتيوشا) على نوع من قاذفات الصواريخ السوفياتية التي اخترعت في الحرب العالمية الثانية.


ربما يلمس المتلقي خلال الاستماع لأغنية “كاتيوشا” الروسية تقلباته الشعورية، إذ يقف حائرًا على خيط رفيع بين البسمة وانهمار الدمعة، كون الأغنية ملحنة من قبل المؤلف الموسيقي “ماتفي بلانتر”، وهو واحد من أبرز الملحنين للأغاني الشعبية وموسيقى الأفلام في الاتحاد السوفيتي سابقاً، وكتبها ميخائيل إيزاكوفيكسي في 1938 وغنتها لأول مرة المغنية الشعبية الروسية ليديا روسلانوفا.


“كاتيوشا” لم تصل إلى الجندي البعيد وحده، إنما وصلت إلى جنود آخرين في أماكن بعيدة، خصوصًا حين جرى استخدام لحنها بكلمات أخرى من لغات مختلفة وإلى الآن تحضر في معظم الاحتفالات الرسمية في روسيا .

وإليكم نص الأغنية الكامل..

كانت أشجار التفاح والخوخ مزهرة

عندما بدأ الضباب بالانتشار على حواف النهر

وقفت كاتيوشا الصبية على حافة الجرف

وبدأت تغني

عن النسر الرمادي الشامخ في السهول

عن حبيبها الذي تحبه من كل قلبها

وتحفظ جميع رسائله إليها

أيتها الأغنية، الأغنية الساطعة عن الصبية العذراء

طيري إلى حدود الشمس، إلى الجندي البعيد عند الحدود

وأوصلي إليه السلام من كاتيوشا

لعله يفكر بالعذراء القروية

لعله يسمع أغنية كاتيوشا

وذكّريه بأنها ستحرس حبه كما يحرس أرض الوطن العزيز


وعلى نمط “كاتيوشا”، انتشرت أغان كثيرة بين المقاومين في العالم مثل الأغنية الإيطالية “يا حلوتي وداعًا”  "بيلا تشاو " التي رددها مقاومون إيطاليون لنظام “موسوليني” الفاشي، وتعتبر "بيلا تشاو" الأغنية الإيطالية الأكثر شهرة، وتحكي عن الشاب الذي يستيقظ في صباح أحد الأيام، مودعاً حبيبته ليقاتل من أجل بلاده، لتتحول الأغنية لنشيد لمناهضة الفاشية والنازية الألمانية، وتعتبر ترنيمة للمقاومة.


بيلا تشاو".. الفلسطينية

عام 2018 خرجت مظاهرات فلسطينية تحت اسم مسيرات العودة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وحينها أعاد فلسطينيون إنتاج الأغنية الإيطالية الشهيرة بكلمات تتماشى مع أحداث الانتفاضة  "سقطت شهيداً وأنا أقاوم، بإيدك ادفنّي" .


وأخيراً  تبقى الموسيقى والأغاني واحدة من أهم  الأسلحة التي تستخدمها  الشعوب لمقاومة المحتل، لما تملكه الموسيقى من قوة وقدرة على توحيد  الجماهير ؛ كما يمكن للموسيقى أن تساهم في كتابة التاريخ وتوصل حكاية وقصص الشعوب للعالم . 
Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=84560