نافذة على الصحافة

دمشق تستعيد دورها


لم يخرج حدث زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات عن السياق العام للعلاقة بين البلدين، ورغم الضغوط الأمريكية على أبو ظبي لقطع العلاقات مع دمشق، وفرض التمويل لبعض الميليشيات، بما في ذلك "قسد" التابعة للاحتلال الأمريكي، فإنها لم تقطع علاقتها نهائياً بدمشق، وأدركت الإمارات كما يرى أحمد الدرزي في مقال نشره موقع الميادين أنها تستطيع أداء دورٍ مهم انطلاقاً من البوابة السورية، بالتنسيق مع روسيا وإيران.

 

ويقول الكاتب: إن هذا الموقف لم يكن إلا تعبيراً عن هواجس حقيقية من نجاح المشروع الأميركي في تغيير كل الأنظمة السياسية العربية، وإحلال حركات الإخوان المسلمين بديلاً منها، وهو ما أدركته أبو ظبي والرياض، اللتان انخرطتا في إسقاط حكم الإخوان في مصر، بالتوافق مع البنتاغون الأميركي، الذي كان له رأي مختلف عن الديمقراطيين بشأن اعتماد الإسلاميين بديلاً سياسياً حاكماً.

 

ويضيف الكاتب: تستند السياسة السورية تاريخياً إلى إدراك مسألة هشاشة الجغرافيا السياسية، التي تدفع كل الإمبراطوريات والقوى الكبرى للسيطرة عليها، وأن استمرار الدولة يستند إلى محاولات إقامة توازن في علاقاتها بين القوى الإقليمية الكبرى من جهة، والعمل على بناء التوازن بين الغرب والشرق من جهة أخرى. وقد نجحت بذلك لعقود أربعة، وخصوصاً في ظل الفراغ الإقليمي بعد توقيع مصر على اتفاقية "كامب ديفيد"، والتنازل عن دورها الإقليمي لمصلحة الكيان "الإسرائيلي".

 

وأكد الكاتب أن ما نشهده اليوم هو محاولات جميع الدول في المنطقة لحجز الدور الذي يليق بها كما تتخيله وتطلبه، وهو الجانب الذي أتاح لدمشق المجال كي تستثمر الفرصة لتستعيد دورها، بمساعدة روسيا وإيران، من البوابة الإماراتية، كي تعود إلى سابق عهدها كنقطة توازن بين الشرق والغرب، وبين إيران والدول العربية، وبين تركيا الرافضة حتى الآن أي مساهمة في إيجاد مخارج للكارثة، قبل الوصول إلى حل سياسي يتيح لها السيطرة على كامل الجزء الشمالي لسورية، والاعتراف بنفوذها على ما تبقى من سورية.

 

وختم الكاتب: على الرغم من هذه الخطوة الجديدة والمفاجئة، فإنَّ آفاق الانفراج على السوريين ما زالت بعيدة، بانتظار نتائج الحرب في أوكرانيا، وطبيعة الموقف الروسي من تركيا، ودور الولايات المتحدة، وأمن "إسرائيل".
وقد يتطلب الأمر سنوات قبل أن تتضح الصورة النهائية، على الرغم مما يمكن أن تقدمه العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وليس أمام السوريين سوى اجتراح حلول مخففة، بالاشتراك مع حلفائهم وأصدقائهم، كي يبدأوا مرحلة التعافي الطويل الأمد.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=84307