لن تجد أوكرانيا سوى الشجب والتنديد وعقوبات اقتصادية على موسكو التي أخذتها في الحسبان قبل أن تقرر دخول المعركة، وعلى هذا فإن الغرب سيكون عاجزاً عن تقديم أكثر من ذلك.

 

لا يمكن مقارنة الجيش الأوكراني بالجيش الروسي، لذلك فإن قدرة موسكو على تحقيق أكبر مكسب ميداني، في إقليم دونباس أو في المناطق الأوكرانية القريبة من الحدود الروسية ومن بينها العاصمة كييف، ليست أمراً صعباً، لكنها ستعمد إلى مبادلة ذلك بتحقيق أهداف سياسية سبق أن أفصحت عنها، وهي ضمان الأمن القومي الروسي في إطار الأمن الأوروبي الأوسع؛ أي إبعاد حلف "الناتو" عن حدودها الغربية، وعدم انضمام أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا إلى الحلف، إضافة إلى عدم وجود قوات أطلسية في بلغاريا ورومانيا، على أن يكون ذلك في إطار تعهد وضمانات موثقة.

 

يرى محمد سلامة في مقال في صحيفة "الدستور الأردنية" أن واشنطن عاجزة عن المواجهة العسكرية مع روسيا، وأوروبا تابعة وخائفة ومرعوبة، ونهاية هيمنتهما على العالم حاضرة، والشواهد تتوالى من أفغانستان إلى العراق والشرق الأوسط وها هي أوروبا، وفي قلبها أوكرانيا انتهت، وشبراً شبراً تذكرنا بعجز الناتو وأمريكا عندما أسقطت تركيا مقاتلة روسية في شمال سورية قبل سنوات، وحينما استنجدت بحلفائها في الناتو وواشنطن قبل سنوات جاءها الرد سريعاً أن بنود اتفاقية الدفاع لا تجيز لنا التدخل في نشوب حرب مع روسيا كون تركيا معتدية وأن تفعيل المادة الخامسة لا تتيح التدخل العسكري إذا نشبت حرب بين روسيا وتركيا وذهبت واشنطن أبعد من ذلك بسحب بطاريات الباتريوت منها وهذا ما دفع بالرئيس التركي أردوغان إلى الاعتذار لموسكو وتقبيل حذاء القيصر والابتعاد عن واشنطن وشراء منظومات اس 400، وعندما طلب الناتو قبل أيام من تركيا إغلاق مضيق البسفور والدردنيل أمام السفن الروسية رد وزير خارجية التركي برفض ذلك كون القرار إعلان حرب على روسيا.

 

ويختم الكاتب: على قياس دولة دولة وإقليم إقليم تتراجع واشنطن، وأوكرانيا هي بدايات لإخضاع أوروبا إلى الهيمنة القيصرية، وقصة الموقف الواحد لحلف الناتو هي أكذوبة أمام روسيا، لأن لا أحد يجرؤ على الحرب معها، فالناتو موحد في ضرب ليبيا والعراق وأي دولة هامشية، وما يجري اليوم شواهد على نهايات الهيمنة والنفوذ والتفرد الأمريكي للعالم.