وجهات نظر

تعديل السياسة الهشة!

علي نصرالله


في مؤتمره السنوي الذي ركز تقريره على ما أطلق عليه اسم "الحملة بين الحروب"، تحدث "معهد دراسات الأمن القومي في الكيان اللقيط" عن وجوب إجراء تعديلات على السياسة الصهيونية، معتبراً أنها هشة، غير مجدية، خصوصاً وسط تنامي التحديات وما سماه بالتهديدات المزعومة.

التقرير السنوي، إذا كان تحدث كثيراً عن سورية_ولبنان_وإيران كمصدر رئيسي للتهديد المزعوم، فإنه قدم توصيات لحكومة ال.اح.تل.ال وجيشه وأجهزة الاستخبارات والخارجية تشدد على ضرورة العمل على دمج القوة الصلبة والناعمة بمساعدة الو.لا.يا.ت ال.مت.حد.ة التي رأى أنه من المهم أن يكون انخراطها أكبر وأوسع.

 

اللافت في التقرير هو الاعتراف بالضعف والهشاشة على الرغم مما يجري الحديث عنه لجهة التطبيع والاختراقات التي يفترض أن يكون الاحتلال قد سجلها بالشراكة مع إدارة دونالد ترامب، وهو ما اقتضى الإلحاح في الطلب من إدارة جو بايدن بذل المزيد من الجهد مع قوى دولية، وأخرى إقليمية لإحداث الفرق المطلوب، إلى جانب ممارسة الضغط على ما أسماه التقرير "المجموعات المحلية الإيجابية في لبنان" اي القوى العميلة التي تتحرك بأوامر عمل أمريكي لإغراق لبنان في أزمة سياسية - اقتصادية وتعميقها بما من شأنه أن يربك قوى المقاومة فيه ويشغلها ويستنزفها داخلياً.

 

المفردات التي استخدمها المشاركون في المؤتمر السنوي، وفي إعداد تقريره النهائي، تشير بوضوح إلى القلق والتوتر، بمقدار ما تشير إلى عمق الأزمات والمخاوف الإسرائيلية من التطورات المتحركة باتجاهات تخالف رغبات الكيان ومخططاته المشتركة مع واشنطن.

 

"قسد"، أنقرة، الدواعش جولات فيينا، القرار ٢٢٥٤، العقوبات، كلها كمحاور أساسية، كانت حاضرة في التقرير الإسرائيلي، وهذا ما يفسر ربما محاولات واشنطن إعادة تعويم التنظيمات الإرهابية ما جرى في محافظة الحسكة انموذجا، لقاء أردوغان مع وفد الحاخامات وذوبانه في المخططات الأمريكية دليلاً، المراوغة في فيينا، مع "قيصر" وحزم العقوبات المتتالية، إضافة إلى الانتقائية والازدواجية بتطبيق القرارات الدولية، إنما توفر رزمة أدلة تؤكد الفشل من جهة، وتفضح سياسات العدوان الصهيوامريكية من جهة أخرى.

 

الكيان اللقيط في أزمة، هذا ما يعترف به هو، لا ما يقوله الآخرون، الأزمة أزمة مشروع أم أزمة انسداد الأفق لمشروعه الأصلي، لا فرق، بل قد تكون أعمق من ذلك وهو ما لم يكشف عنه، ذلك أنه إذا كان حسب تقارير المؤتمر إياه، وحسب تقارير مؤتمرات "هرتزيليا" السنوية، يشار فيها إلى ما يسمح بالاشارة له، فإن ما خفي هو أهم ربما.

 

السياسة الهشة - حسب التوصيف إياه - التي ينبغي العمل على تعديلها وتطويرها إسرائيل بالشراكة مع الولايات المتحدة وملحقاتها، هل هي هشة عندما وضعت وتم الشروع بتنفيذها؟ أم أنها بدت كذلك لأسباب أخرى تتعلق بالطرف المستهدف الذي يتمتع بقوة أسيء تقديرها؟.

 

لتكن ما تكون تقديرات العدو، وليجري ما بمقدوره فعله لجهة التعديلات التي يبحث عنها، فإن ذلك لن يغير في المعادلة القائمة، سوى أنه سيراوح في أزمته وحالة انفصاله وواشنطن وأتباعها عن الواقع الذي تصنعه سورية وقوى المقاومة مع الحلفاء والأطراف الداعمة والمناهضة لسياسات العدوان والهيمنة.

 

الإنكار من جهة و الاعتراف بالهشاشة من جهة أخرى، يعزز محاولة الهروب إلى الأمام بالحديث عن أهمية الإعداد لسيناريو الحرب القادمة، أو يردع التقدم باتجاهها، سيبقى التعبير الأدق لأزمة حقيقية تتعاظم تكاليفها، استمرت المعارك بين الحروب، أم ارتكب العدو حماقة الحرب.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=83585