وجهات نظر

الإرهاب في إدلب.. وتقاطع المصالح التركية الأميركية

عبد الحليم سعود


إضافة لما كشفته عملية تصفية متزعم ما يسمى تنظيم دا'ع'ش ال'إره'ابي عبد الله قرداش الملقب "أبو إبراهيم القرشي" بمسرحية أميركية مفضوحة بمحافظة إدلب تحت عنوان "أميركا تحارب الإرهاب"، من توظيف أميركي رخيص لموضوع الإرهاب المصنع في مختبرات "الـ سي آي إيه" والبنتاغون والبيت الأبيض من أجل التدخل في شؤون الدول الأخرى واحتلال أراضيها وسرقة مواردها وثرواتها، فثمة جانب آخر مهم ينبغي الإضاءة عليه ولا يجب أن يغيب عن بال المجتمع الدولي وهو التقوقع الكثيف للتنظيمات الإرهابية المتعددة الولاءات والرعاية في محافظة إدلب، حيث غدت هذه المحافظة منذ بدء الحرب على سورية عام 2011 تجمعاً لمختلف التنظيمات الإرهابية التي ترعاها الدول الغربية ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا و فرنسا، إلى جانب التمويل القطري والرعاية التركية التي يقع على عاتقها مهمة احتضان وتسهيل وصول الإرهابيين من مختلف دول العالم إلى سورية.

 

فقد أشارت العديد من المصادر إلى أن المنزل الذي كان يقطنه الإرهابي القرشي كان قريباً جدا من إحدى نقاط المراقبة التركية، ومعلوم لدى الجميع أن النظام التركي يمثل الجماعات الإرهابية في مسار آستانا، وبالتالي فإن وجود متزعم داعش في هذه المنطقة لم يكن خارج علم ومعرفة نظام أردوغان ورعاية استخباراته، حيث تكفل هذا النظام منذ بدء الحرب على سورية برعاية واحتضان ودعم وتمرير كل أشكال الإرهاب المتجه إلى سورية بضوء أخضر أميركي.
كما كشفت المشاهد التي بثتها العديد من القنوات التي واكبت حدث تصفية الإرهابي القرشي وعائلته أن إرهابيي جماعة الخوذ البيضاء الذين اشتهروا بفبركة المسرحيات الكيماوية مازالوا ينشطون في هذه المنطقة تحت اسم "الدفاع المدني السوري" بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية ولاسيما جبهة النصرة "فرع تنظيم القاعدة في سورية" التي تسيطر على أغلب المحافظة برعاية تركية، أي أن الدور المناط بهذه الجماعة وهي تابعة للاستخبارات البريطانية مازال مستمرا، وبالعودة بالذاكرة قليلا إلى الوراء، فإن مؤسس الجماعة هو الضابط السابق في الاستخبارات البريطانية جيمس لو ميسورير الحائز على وسام الإمبراطورية البريطانية برتبة ضابط عام 2016، والذي عثر على جثته مقتولا في الثاني عشر من تشرين الثاني عام 2019 على قارعة الطريق في اسطنبول.


لقد بات من الواضح وجود تقاطع مصالح بين الإدارة الأميركية والنظام التركي لجهة استدامة الأزمة ومنع الوصول إلى حل سياسي في سورية، حيث يتكفل نظام أردوغان بحماية الجماعات الإرهابية في محافظة إدلب لتكون مصدر عرقلة دائم إضافة إلى وجودها تحت الطلب الأميركي، وقد شهدت السنوات الماضية العديد من المسرحيات الأميركية لمحاربة الإرهاب منها تصفية أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش عام 2019، وتصفية الإرهابي السعودي الجنسية محسن الفضلي زعيم ما يسمى تنظيم خراسان التابع للقاعدة عام 2015 وكل ذلك يتم في إدلب، ففي كل مرة يريد رئيس أميركي الظهور بمظهر محاربة الإرهاب ينفذ عملية مشابهة بتنسيق وتفاهم مع النظام التركي، في المقابل تقوم واشنطن بدعم مليشيا قسد الانفصالية التي يعتبرها النظام التركي خطرا على أمنه القومي، وبذلك تؤمن واشنطن لأردوغان الذريعة الدائمة لتدخله في الشأن السوري من زاوية الخطر الذي يشكله الانفصاليون على الوضع في تركيا، وهكذا تستمر هذه اللعبة القذرة بين الطرفين ويتم استخدام المرتزقة والإرهابيين والعملاء في تبادل وتقاطع مصالح قذرة تحت أعين العالم.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=83197