الإعلام تايم - الاخصائية النفسية والاجتماعية مي العربيد

نحن نعيش اليوم في عالم مليء بالمآسي وخيبات الأمل، في كل يوم تصادفنا أحداث حزينة ومزعجة، نشعر معها وكأن الكون يتأمر علينا ليبقينا في حالة معاناة دائمة، الحروب والدمار والغلاء المعيشي والضغوط المادية، كلها تسبب لنا حالة من الضيق والتوتر الشديد، تتراكم المشاكل والضغوطات اليومية لتسلب منا طاقتنا، وندخل في شرك المعاناة والألم..

ولكن إذا نظرنا للأمر من جانب آخر، لأدركنا أن لهذا الكون الواسع قوانين تسيره، قوانين ثابتة تسعى إلى موازنة الحياة، ومن أهم هذه القوانين، "قانون القطبية" الذي ينص على " كل شيء مزدوج، كل شيء له أقطاب، كل شيء له زوج من الأقطاب، التشابه وعدم التشابه هو الشيء نفسه، الأضداد متشابهة بطبيعتها لكن بدرجات متفاوتة، الطرفان يجتمعان، وكل الحقائق ماهي إلا أنصاف حقائق قد يمكن التوفيق بين كل المتناقضات"، فكل ما نراه أسود وسلبي، يحمل في داخله إيجابية، وكل ألم نعاني منه يحمل في طياته رسالة ما يجب علينا اكتشافها، وكما أشار عالم النفس (فيكتور فرانكل) إلى أن المعاناة ليست دائما مرضية، وبحث الإنسان في مظاهر بائسة ليس بالضرورة مرضاً، وإنما هي مثل روحية يسعى من خلالها إلى الوصول إلى معنى لحياته ومعاناته، فعندما يجد الشخص نفسه في موقف لا مفر منه، وحينما يجب عليه مواجهة قدر لا يمكن تغييره يكون لديه فرصة لتحقيق القيمة العليا والمعنى الأعمق وهو معنى المعاناة وتقبلها، فإذا قبلنا تحدي المعاناة بشجاعة، كان للحياة معنى حتى اللحظة الأخيرة، وتحتفظ الحياة بقوة هذا المعنى حتى النهاية.

ويؤكد (فرانكل) إلى أن الاهتمام الرئيسي عند الإنسان لا يكون في حصوله على اللذة أو تجنب الألم، إنما يكون بأن يرى معنى لحياته، وهذا السبب في أن الإنسان مستعد للمعاناة، شريطة أن يكون لمعاناته معنى، والمهم فوق كل ذلك هو الاتجاه الذي نأخذه نحو المعاناة، هذا الاتجاه المليء بالتقبل والرضا لكل ما نراه سيء ومؤلم، والنظر للأمر من زاوية مختلفة، فكل ما نراه اليوم من ألم ومعاناة، هو سبب لما نحن عليه اليوم.

وما أحوجنا في هذا الوقت إلى منظور إيجابي يساعدنا في التعامل مع الحياة ومشكلاتها، وإيجاد الحلول التي تنمي فينا القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات للوصول إلى الصحة النفسية والرضا الذاتي.